تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو داود الكناني]ــــــــ[14 - 02 - 05, 03:50 ص]ـ

فضيلة الشيخ الكريم أبو محمد الألفي-جزاكم الله خيرا-

لكني قد وقفت على كلام رائق للشيخ حاتم العوني حول كلام الخليلي و الحاكم وقضية الترجيح بين المصطلحات فأحببت أن أنقله بتمامه للفائده و المناصحة و المدارسة

قال الشيخ -حفظه الله-في كتابه (المنهج المقترح)

لو قال أحد أهل الاصطلاح: ((الشاذ: أن يروي الثقة حديثاً يخالف فيه الناس)) (4)، فإننا بشرط (الجمع والمنع) المشترط في صناعة المعرفات المنطقية، سوف أفهم أن هذا هو الشاذ كله، ولا شاذ سواه. مع أن ذلك قد لا يكون خطر على بال قائله من أهل الاصطلاح، وإنما أراد التنبيه على أهم أنواع الشذوذ، أو على أشدها أثراً على قبول الحديث، أو على أكثرها وقوعاً، أو أشدها أثراً على قبول الحديث، أو وإن جاز وصف غيرها بذلك أيضاً .. أو غير ذلك من احتمالات معنى الشرح غير الجاري على أصول المناطقة.

وليس معنى ذلك أن لا نفهم الكلام على ما يدل عليه ظاهر اللفظ ومنطوقه، بل نحن نطالب بذلك. فإن ظاهر اللفظ ومنطوقه في العبارة السابقة إنما يقول: عن مخالفة الثقة للناس شذوذ، ولم يقل إن كل ما سوى هذه الصورة ليس (شاذاً)، ولا أن هذا هو الشذوذ وحده. ولا نريد أن نحمل الكلام غير هذا المنى، إلا إذا دل دليل خارجي على غيره.

أما الجفاء عن فهم شرح أهل الاصطلاح لاصطلاحهم، فله وجوه متعددة، منها: تسليط فهوم المتأخرين من المحدثين والأصوليين للمصطلح على شرح أهله له!! وعندها يؤول شرح أهل الاصطلاح على غير ظاهره، ويبتسر نقله وفهمه، ويفصل عن دلالة سياقه: سباقة ولحاقة؛ كل ذلك من أجل أن يوافق كلام المتأخرين من المصنفين في علوم الحديث أو غيرهم من الفقهاء والأصوليين. مع أن الواجب عكس ذلك، والسير على ضد هذا المنهج، بتأويل كلام غير أهل الاصطلاح ـ ما أمكن ـ ليوافق كلام أهله، وإلا رفض كلام أولئك الذين عم ليسوا من أهل الاصطلاح لمناقضته كلام أهله!!

ومن وجوه الجفاء في ذلك أيضاً: (فكرة تطوير المصطلحات)، بعدم الرضى عن مدلول المصطلح المشروح بكلام أهله، لسعة ذلك المدلول، وتداخله مع مدلول مصطلح آخر. فيقود ذلك الشعور بعدم الرضى إلى المشاحة في الاصطلاح، السابق بيان أخطارها (1).

وعلى كل حال، فإن الخطأ في فهم كلام أهل الاصطلاح، لا بد أن يجتمع في أسبابه غلو وجفاء، وأحدهما قائد للآخر لا محالة!!

فربما اجتمع عند المتأخرين من التعصب المذهبي ما يقودهم إلى الغلو في فهم كلام إمامهم ن وهذا الغلو يتجه في النهاية نحو الجفاء عنه ليوافق كلامه ما ظنه ذلك المتعصب صواباً من كلام غيره من الأصوليين والمتأثرين بهم من المحدثين.

ومثال ذلك: ميل أتباع الإمام الشافعي إلى نصرة أقواله، ذلك الميل الذي تحول مع مرور الزمان تعصباً. وضربت مثلاً بالشافعية، لأن (اسعد الناس بالحديث الشافعية)، وغالب مصنفات علوم الحديث ومصطلحه لأئمةٍ شافعية: من الحاكم، إلى الخطيب، على ابن الصلاح، إلى النووي، إلى العراقي، على ابن حجر، إلى السخاوي، إلى السيوطي، وقبلهم وبعدهم، كل هؤلاء شافعية!

والمثال الواقعي للغلو والجفاء في فهم الشافعية لكلام الإمام الشافعي في مصطلح الحديث: كلامه في مصطلح (الشاذ)، السابق ذكره. وتفصيل هذا المثال فيه طول، أرجو أن تكون فيه فائدة، ولذلك سأطيل في تفصيله!

قال الإمام الحاكم (الشافعي المذهب) في (معرفة علوم الحديث): ((هذا النوع منه: معرفة (الشاذ) من الروايات. وهو غير (المعلول)، فإن المعلول ما يوقف على علته: أنه دخل حديث في حديث، أو وهم فيه راوٍ أو أرسله واحد فوصله واهم. فأما الشاذ، فإنه حديث يتفرد به ثقة من الثقات، وليس للحديث اصل متابع لذلك الثقة. سمعت أبا بكر أحمد بن محمد المتكلم الأشقر .. ـ فأسند إلى الشافعي أنه قال: ـ ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يرويه غيره، هذا ليس بشاذ، إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثاً يخالف فيه الناس، هذا الشاذ من الحديث)) (1)

ـ ثم ذكر الحاكم بعد ذلك ثلاثة أمثلة للشاذ عنده.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير