تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[18 - 03 - 08, 11:18 ص]ـ

و الحاصل أن النهي الوارد في حديث عمرو بن شعيب لا يتناول الدرس الذي نحن بصدد بحثه بأي وجه من الوجوه، و هو أخص من الدعوى. و هذا أمر قد أقر به حتى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، (و لعله لذلك السبب لم يستدل بالحديث على ما ذهب إليه) حيث سئل (7821): ما حكم التحلق في المسجد قبل صلاة الجمعة؟

فأجاب – رحمه الله - بقوله: ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن التحلق يوم الجمعة، و ذلك لأن التحلق يوم الجمعة يؤدي إلى تضييق المسجد على المصلين القادمين إليه، لاسيما إذا كانت الحلق قريباً من كثرة الحضور وكان المسجد ضيقاً، فإن ضررها واضح جداً، أما إذا لم يكن فيها محذور فإنه لا محظور فيها؛ لأن الشرع إنما ينهى عن أشياء لضررها الخالص أو الغالب. اهـ

يتبع قريبا إن شاء الله تعالى

.

ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[18 - 03 - 08, 02:20 م]ـ

ثانيا:

دعوى تأذي المصلين بالدرس:

تمسكا بمثل، قول النبي- صلى الله عليه و سلم -: " كلكم يناجي ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا بالقراءة ".

و الحديث رواه مالك في " الموطأ " (264) عن البياضي رضي الله عنه، و نصه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون و قد علت أصواتهم بالقراءة فقال: " إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به و لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن ".

و هو عند عبد الرزاق (4217) و ابن أبي عاصم في " الآحاد " (2006) بلفظ:

" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معتكفا في العشر الأواخر في قبة له، والرجل يؤم النفر ... "

و في " إتحاف الخيرة المهرة " (2/ 73) للبوصيري: " كان الناس يصلون في رمضان عصبا عصبا ... ". أي جماعات جماعات.

و في " المستدرك " (1169) للحاكم - و صححه - من حديث الخدري رضي الله عنه قال:

" اعتكف النبي صلى الله عليه و سلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة و هو في قبة له فكشف الستور و قال: ألا كلكم يناجي ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا و لا يرفعن بعضكم على بعض في القراءة في الصلاة ".

و في " مسند " أحمد (4928) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما بإسناد صحيح:

" أن النبي صلى الله عليه و سلم اعتكف وخطب الناس فقال: أما إن أحدكم إذا قام في الصلاة، فإنه يناجي ربه، فليعلم أحدكم ما يناجي ربه، و لا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة في الصلاة "

قلت: و في الإستدلال بهذا الحديث نظر، لكون الإيذاء المنهي عنه، إنما تحقق باجتماع خصال ثلاث؛ ليس واحدة منها في الدرس، و هي:

- صدور الأصوات من جهات متعددة في وقت واحد.

- و المبالغة في الجهر إلى حد الخروج عن القصد.

- و المغالبة بالتصاول في مقام المناجاة.

و الدليل على أن مجرد الجهر - إن كان من جهة واحدة - لا يحدث به الإيذاء، حديث أبي قتادة رضي الله عنه:

«أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ليلة فإذا هو بأبي بكر رضي الله عنه يصلي يخفض من صوته. و مر بعمر بن الخطاب رضي الله عنه، و هو يصلي رافعاً صوته، فلما اجتمعا عند النبي صلى الله عليه وسلم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يا أبا بكر، مررت بك و أنت تصلي تخفض من صوتك " قال: قد أسمعت من ناجيت يا رسول الله. و قال لعمر: " مررت بك و أنت تصلي رافعاً صوتك " فقال: يا رسول الله أوقظ الوسنان، و أطرد الشيطان. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " يا أبا بكر، ارفع من صوتك شيئاً "، و قال لعمر: " اخفض من صوتك شيئاً "»

رواه أبو داود (1331) بإسناد صحيح، و صححه الحاكم على شرط مسلم و سكت عنه الذهبي.

و رواه أبو داود أيضا (1332) بإسناد صحيح من رواية أبي هريرة بهذه القصة، ولم يذكر قوله: " فقال لأبي بكر و عمر ". وزاد: "و قد سمعتك يا بلال تقرأ من هذه السورة، و من هذه السورة " قال: كلام طيب، جمعه الله بعضه إلى بعض، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " كلكم قد أصاب".

و في هذا بيان أن الجهر إذا لم يجاوز الحد المعتدل و كان من طرف واحد , فلا كراهة فيه و لا إنكار عليه. لأنه لا يقع به المحذور في العادة؛ و هو اختلاط الأصوات و حدوث اللغط و الإزعاج. بدليل أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يجهر بالذكر بعد الفراغ من الصلاة، و في المصلين من هو مسبوق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير