فعن عبد الله الزبير قال: " كانَ يقولُ في دُبُرِ الصَّلاةِ إذا سلَّم قبْلَ أنْ يقومَ، يرفعُ بذلكَ صوتَه: لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ، وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله، لا إلهَ إلا اللهُ، [و] لا نعبدُ إلا إيَّاهُ، له النعمةُ، وله الفضلُ، وله الثناءُ الحسنُ، لا إله إلا اللهُ مخلصينَ لَهُ الدِّينَ، ولو كَرِهَ الكافِرُونَ ".
أخرجه الطبراني في " الدعاء " (2/ 1107/681)
و هذا إسناد جيد، كما في " الصحيحة " (3160)
و الحديث أخرجه مسلم، و أبو عوانة في "صحيحيهما " و غيرهما من طرق عن أبي الزبير به. و زادوا:
" و كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهلل بهنَّ دُبُرَ كل صلاة ".
و أخرجه الشافعي في " الأم " (1/ 110)، و من طريقه البغوي في "شرح السنة " (3/ 226/716)، من طريق موسى بن عقبة عن أبي الزبير به. زاد الشافعي:
" يقول بصوته الأعلى: لا إله إلا الله ... " إلخ.
و هي بمعنى زيادة مسلم و غيره: " يهلل .. "؛ أي: يرفع صوته.
و رواه المحاملي في "الأمالي " (211/ 197) من طريق أخرى عن عبد الله بن الزبير بلفظ: " يصيح بذلك صياحاً عالياً "؛ وسنده ضعيف.
و يشهد لرفع الصوت- بهذا الذكر أو بغيره مما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - قول ابن عباس رضي الله عنهما:
" إن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته ".
رواه الشيخان و أبو عوانة وغيرهم.اهـ
و عن عائشة رضي الله عنها: " أن رجلا قام من الليل يقرأ فرفع صوته بالقرآن فقال: رسول الله صلى الله عليه و سلم: يرحم الله فلانا كأين من آية أذكرينها الليلة كنت أسقطتها ".
أخرجه أبوداود (1331) بإسناد صحيح على شرط مسلم كما في " صحيح أبي داود " (5/ 76)
و هو في صحيح البخاري برقم (2655)، و فيه: " تهجد النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي فسمع صوت عباد يصلي في المسجد فقال: يا عائشة أصوت عباد هذا؟ قلت: نعم. قال: اللهم ارحم عبادا ".
و الأحاديث في هذا كثيرة، و الشاهد مما ذُكر منها، بيان أن الجهر لا يكون مؤذيا على كل حال، و بالتالي لا يكون منهيّا عنه على الإطلاق.
ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[18 - 03 - 08, 02:23 م]ـ
و أما قول الشيخ الألباني رحمه الله: كما جاء في الحديث بزيادة مهمة جداً: " لا يجهر بعضكم على بعض في القراءة فتؤذوا المؤمنين ". و الإيذاء بلا شك محرم بنص القرآن، و الإيذاء هنا بسبب التشويش، فلا يصح التدريس. اهـ
فالجواب:
أن الإيذاء في هذا الحديث إنما رتب سببه على حال " الجهر على الغير ". و لذلك عُدي بحرف الإستعلاء (على). فهو في معنى الصراخ في الأذن الذي يسبب القرع و الإزعاج.
هذا أولا.
و أما ثانيا:
فإن المراد بقوله " فتؤذوا المؤمنين " أي المصلين في حال الصلاة. كما هو في الروايات الصحيحة التي سبق أن ذكرتُها قبل قليل. و عليه، فإن العبارة ليست على عمومها، و لكنها من العموم الذي يراد به الخصوص، على أنها ضعيفة بذلك اللفظ.
ثالثا:
قوله:" أن الإيذاء بسبب التشويش " هذا ينبغي أن لا يجري مجرى القاعدة المطردة، لأن الحس و الشرع يكذبانه. و قد سبق الإشارة إلى عدم تأذي النبي صلى الله عليه و سلم بقراءة بعض أصحابه – رضوان الله عليهم -. ليس كذلك فحسب، بل الدعاء له بالرحمة لأنه ذكره آية من كتاب الله كان قد أنسيها.
و عليه، فمن عُلم من المصلين عدم تأذيه بالدرس، فلا يلزمه ما ألزم به الشيخ الألباني رحمه الله.
و أما رابعا:
فإن هذا المتأذي من الدرس ينظر في سبب تأذيه به. فإن كان من وقوع الدرس أصلا، فهذا خارج موضع الإستدلال. و إن كان بسبب ما قد يحدث له من التشويش، فإنّ مجرد حدوث أذى لا يقتضي كراهته، بله تحريمه. فقد يحصل الأذى بالشيء المباح، و لا يكون محرما. ففي " الصحيحين " من حديث أنس رضي الله عنه قال: " أقيمت الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يناجي رجلا في جانب المسجد فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم ".
و في رواية مسلم: " أقيمت صلاة العشاء فقال رجل: لي حاجة. فقام النبى - صلى الله عليه وسلم- يناجيه حتى نام القوم - أو بعض القوم - ثم صلوا ".
¥