- عدم فعل النبي صلى الله عليه و سلم و الصحابة له.
و ها أنا ذا أشرع في بيان كل دليل و ما فيه، و الكشف عن كل حكم و معانيه. ملتزما الجادة في تحري الحق، و غايتي في أمري كله طلب مرضاة الله تعالى.
أولا: حديث النهي عن التحلق يوم الجمعة:
فقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشراء و البيع في المسجد و أن تنشد فيه الأشعار و أن تنشد فيه الضالة و عن الحلق يوم الجمعة قبل الصلاة»
هذا الحديث انفرد به محمد بن عجلان عن عمرو بن شعيب. و كلاهما فيه مقال.
أخرجه أحمد 2/ 179 (6676) قال: حدَّثنا يَحيى.
و " أبو داود " (1097) قال: حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا يَحيى.
و " ابن ماجة " (749) قال: حدَّثنا عبدِ الله بن سعيد الكِنْدي، حدَّثنا أبو خالد الأحمر.
و في (766) و (1133) قال: حدَّثنا محمد بن رُمْح، أنبأنا ابن لَهِيعة (ح) و حدَّثنا أبو كُريب، قال: حدَّثنا حاتم بن إسماعيل.
و " التِّرمِذي " (322) قال: حدَّثنا قُتَيبة، قال: حدَّثنا الليث.
و" النَّسائي " (2/ 47)، و في " الكبرى " (795) قال: أَخْبَرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرني يَحيى بن سعيد.
و في (2/ 48)، و في " الكبرى " (796)، و في " عمل اليوم و الليلة " (173) قال: أَخْبَرنا قُتَيبة، قال: حدَّثنا الليث بن سعد.
و" ابن خزيمة " (1304) قال: حدَّثنا بُندار، ويعقوب بن إبراهيم، قالا: حدَّثنا يَحيى بن سعيد.
و في (1306) قال: حدَّثنا عبدِ الله بن سعيد الأشج، حدَّثنا أبو خالد. و في (1816) قال: حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقي، حدَّثنا يَحيى بن سعيد.
خمستهم (يَحيى بن سعيد، و أبو خالد الأحمر، و ابن لَهِيعة، و حاتم بن إسماعيل، و الليث) عن محمد بن عَجلان به.
و أخرجه أحمد 2/ 212 (6991) قال: حدَّثنا على بن إسحاق، أَخْبَرنا عبد الله، يعنى ابن المُبارك، حدَّثني أُسامة بن زيد. و لفظه: " نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن البيع و الإشتراء في المسجد ".
و ليس فيه النهي عن التحلق.
قال المقري:أراك لم تعرج على ما قيل في محمد بن عجلان وعمرو بن شعيب و سأفعل مكانك لعلك نسيت ذلك:
قال ابن حجر في التقريب (ج 2 / ص 112):
"محمد بن عجلان المدني صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة من الخامسة مات سنة ثمان وأربعين."
و الحديث ليس من أحاديث أبي هريرة.
ولذا قال ابن حجر في تهذيب التهذيب - (ج 9 / ص 304):
"ولما ذكر ابن حبان في كتاب الثقات هذه القصة قال ليس هذا بوهن يوهن الانسان به لان الصحيفة كلها في نفسها صحيحة وربما قال ابن عجلان عن سعيد عن أبيه عن
أبي هريرة فهذا مما حمل عنه قديما قبل اختلاط صحيفته فلا يجب الاحتجاج إلا بما يروي عنه الثقات وقال ابن سعد كان عابدا ناسكا فقيها وكانت له حلقة في المسجد وكان يفتي وقال العجلي مدني ثقة وقال الساجي هو من أهل الصدق لم يحدث عنه مالك إلا يسيرا وقال ابن عيينة كان ثقة عالما وقال العقيلي يضطرب في حديث نافع."
فإن سلمنا بما قيل فيه من أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة و ما قال فيه العقيلي من اضطراب في حديث نافع لم يضر حديثنا شيئا إذ أنه ليس من طريقهما.
فكيف أجزت لنفسك أن تقول فيه مقال موهما أن حديثه ضعيف إن هذا من التدليس الذي لا يجوز على طالب الحق أن يتخلق به. ولكن الانتصار للرأي يفعل هذا و أكثر.
أقوال العلماء في معنى الحديث
هذا، و قد اختلف العلماء في تأويله؛
- فقيل: المراد به كراهة التحلق للتدريس.
قال الإمام البغوي ـ رحمه الله ـ في "شرح السنة" (3/ 374): "و في الحديث كراهية التحلُّق و الإجتماع يوم الجمعة قبل الصلاة لمذاكرة العلم، بل يشتغل بالذكر و الصلاة و الإنصات للخطبة ثم لا بأس بالإجتماع و التحلُّق بعد الصلاة في المسجد و غيره ".
و قال الرازي في " تفسيره " (4/ 15): و اعلم أن الحديث الذي رويناه يدل على كراهية التحلق و الإجتماع يوم الجمعة قبل الصلاة لمذاكرة العلم بل يشتغل بالذكر و الصلاة و الإنصات للخطبة ثم لا بأس بالإجتماع و التحلق بعد الصلاة.
¥