تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و أما قول الشيخ الألباني رحمه الله: كما جاء في الحديث بزيادة مهمة جداً: " لا يجهر بعضكم على بعض في القراءة فتؤذوا المؤمنين ". و الإيذاء بلا شك محرم بنص القرآن، و الإيذاء هنا بسبب التشويش، فلا يصح التدريس. اهـ

فالجواب: أن الإيذاء في هذا الحديث إنما رتب سببه على حال " الجهر على الغير ". و لذلك عُدي بحرف الإستعلاء (على). فهو في معنى الصراخ في الأذن الذي يسبب القرع و الإزعاج.

هذا أولا.

قال المقري: أين الصراخ في الأذن في الحديث يا هذا؟؟ ألا تتقي الله في نفسك. أليس جهر المتصدي للدرس جهرا على غيره من المصليين. ولكن سبحان الذي يسرك لما يسر له الرافضة في قولهم أن البقرة هي عائشة لعنهم الله بما قالوا.

و أما ثانيا: فإن المراد بقوله " فتؤذوا المؤمنين " أي المصلين في حال الصلاة. كما هو في الروايات الصحيحة التي سبق أن ذكرتُها قبل قليل. و عليه، فإن العبارة ليست على عمومها، و لكنها من العموم الذي يراد به الخصوص، على أنها ضعيفة بذلك اللفظ.

قال المقري: هكذا دائما تعمد إلى الأحاديث وتخصها بما يوافق هواك مرة بدون شبهة و مرة بزيادات هي من باب ذكر بعض أفراد العام أو محمولة على تعدد الوقائع لاختلاف مخارجها و الحق أن تأخذ بما فيه زيادة شرع.

و أما قولك أنها ضعيفة فهات برهانك إن كنت صادقا و لا تكن كمن قالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى.

و الحق أن الحديث صحيح و فيه النهي عن الجهر عن القراءة و كل كلام يؤذي المصلي و القارئ و الذاكر و إن رغم أنفك و نضجت كبدك.

ثالثا:

قوله:" أن الإيذاء بسبب التشويش " هذا ينبغي أن لا يجري مجرى القاعدة المطردة، لأن الحس و الشرع يكذبانه. و قد سبق الإشارة إلى عدم تأذي النبي صلى الله عليه و سلم بقراءة بعض أصحابه – رضوان الله عليهم -. ليس كذلك فحسب، بل الدعاء له بالرحمة لأنه ذكره آية من كتاب الله كان قد أنسيها.

و عليه، فمن عُلم من المصلين عدم تأذيه بالدرس، فلا يلزمه ما ألزم به الشيخ الألباني رحمه الله.

و أما رابعا: فإن هذا المتأذي من الدرس ينظر في سبب تأذيه به. فإن كان من وقوع الدرس أصلا، فهذا خارج موضع الإستدلال. و إن كان بسبب ما قد يحدث له من التشويش، فإنّ مجرد حدوث أذى لا يقتضي كراهته، بله تحريمه. فقد يحصل الأذى بالشيء المباح، و لا يكون محرما. ففي " الصحيحين " من حديث أنس رضي الله عنه قال: " أقيمت الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يناجي رجلا في جانب المسجد فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم ".

و في رواية مسلم: " أقيمت صلاة العشاء فقال رجل: لي حاجة. فقام النبى - صلى الله عليه وسلم- يناجيه حتى نام القوم - أو بعض القوم - ثم صلوا ".

و هذا ظاهر في تأذي المصلين مما أصابهم من الإرهاق و التعب بسبب الإنتظار وقوفا، و لكن النبي صلى الله عليه و سلم لم يمتنع من فعله ليشرع لمن خلفه أحكاما منها؛ أن التأذي بمجرده ليس مناطا لعدم جواز الفعل الذي نتج عنه.

و قد كان الصحابة يصلون التراويح في عهد عمر إلى حد التعب الشديد، ففي " الموطأ " (251): " و قد كان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، و ما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر ".

قال المقري: لا أعلم في المسلمين من التالين و الذاكرين من لا يتأذى من الدرس إلا من أصبح منكوس القلب كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا و لا ينكر منكرا بسبب ما أشربه قلبه من تعصب لغيه و إفكه في جواز الدرس. و أقول لك صدقت هنا و لو لمرة فإن الأصم لا يتأذى من الصوت الشديد و لو كان أشد من صوت الرعد.

ولما كنت كما ذكرت لك أجبت عن نفسك في النقطة الرابعة بدون أن تشعر إحسانا للظن بك حتى لا أقول بأنك تعمدت ذلك لأنني أعلم أن تراكم البدع على القلوب تعميها عن معرفة الحق.

أعني بذلك قولك "فقد يحصل الأذى بالشيء المباح، و لا يكون محرما."و أكمل عنك العبارة بأن أقول وقد يحصل الأذى بالشيء المباح و يكون محرما ولا نعرف المحرم من غير المحرم إلا بالنصوص الثابتة عن الله و رسوله لا نتعداها لغيرها و لا نضرب بعضها ببعض.

فلو لم يأتي هذا الحديث و ادعى مدع أن قارئ القرآن يشوش عليه لقلنا له إن هذا أمر لم يأت النهي عنه بل هو مرغب فيه ولست أعلم من الله و رسوله حتى تستدرك عليهما ما نسياه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير