تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإذا لم يجد العالم يوما في الأسبوع كما وجد عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، و دعت الحاجة إلى مثل هذه الدروس، و ظهرت مصلحة من ذلك و تحققت الفائدة من ورائها فأين الحرج من إقامتها مع تنبيه الناس إلى أن ذلك لا صلة له بالجمعة؛ حتى لا يعتقدوا أنها من سنن يوم الجمعة أو مستحباتها؟

قال المقري: المصلحة حيث شرع الله و من استحسن فقد شرع وإن لم يكفك ما جاء به محمد ابن عبد الله فذلك شأنك و لكن اتق الله في المسلمين.

وفي آخر هذا القسم من ردي عليك لا يفوتني أن أقول لك سبحان الذي يسرك إلى قلب الحقائق و لي النصوص الصحيحة بالتعسف. ثم اتهام من تمسك بها وعض عليها بالنواجذ بالمغالطة و ليس هناك أجدر بهذا الوصف منك. ثالثا: دعوى عدم فعل النبي صلى الله عليه و سلم للدرس و أصحابه:

قال الشيخ الألباني - رحمه الله -: هذا لم يكن من عمل السلف الصالح - رضي الله عنهم -

و قال الشيخ العثيمين - رحمه الله -: و أما كونه بدعة، فلأن هذا لم يحدث في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.اهـ

فهل حقا كما قال هذان الفاضلان؟ أم أن الأمر خلاف ذلك؟

نبدأ أولا بدعوى عدم تدريس السلف يوم الجمعة فأقول: بل ثبت عن غير واحد منهم فعل ذلك، و هم:

• أبو هريرة رضي الله عنه:

ففي " المستدرك " (6173) عن عاصم بن محمد عن أبيه قال: " رأيت أبا هريرة رضي الله عنه يخرج يوم الجمعة فيقبض على رمانتي المنبر قائما و يقول: حدثنا أبو القاسم رسول الله الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم. فلا يزال يحدث حتى إذا سمع فتح باب المقصورة لخروج الإمام للصلاة جلس ".

قال (3/ 585): صحيح الإسناد و لم يخرجاه.

و قال الذهبي في " مختصره ": صحيح.

و في " مستخرج " أبي عوانة (3407) عن زياد، قال: قلت لثابت الأعرج: من أين سمعت من أبي هريرة؟ فقال: كان مواليّ يبعثوني يوم الجمعة آخذ لهم مكانا عند المنبر فكان أبو هريرة يجيء قبل الصلاة، فيحدث الناس فكنت أسمع ".

فقال أحمد بن حنبل: ما أرى بحديثه بأسا - يعني ثابتا – و هو ابن عياض، و يحدث عنه عبيد الله و مالك و زياد.

و في " مصنف " ابن أبي شيبة " (5411): عن محمد بن هلال عن أبيه قال: " كان أبو هريرة يحدثنا يوم الجمعة حتى يخرج الإمام "

قلت: و العجيب أنّ أبا هريرة رضي الله عنه هو راوي أحاديث الحث على التبكير، و منها حديث: " من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ... "، و الذي علّق عليه الشيخ الألباني بقوله: " و مما لا شك فيه أن حض النبي - صلى الله عليه وسلم - المسلمين على التبكير في الرواح يوم الجمعة إلى المسجد الجامع ليس هو لسماع الدرس و إلقائه.اهـ

فلك أن تنظر أيها المنصف لترى البون الشاسع و الشقة البعيدة بين فقه السلف و فقه بعض الخلف. فأنت لو تأملت الأحاديث التي حشرها الشيخ الألباني – رحمه الله - في فتواه ليدفع بها مشروعية الدرس، لاح لك من النظرة الأولى أنها حشرت في غير مسارها، و وجهت إلى غير وجهتها. إذ لا تعارض البتة بين ما ذكر و بين الدرس.

• ثلاثون صحابيا يدرسون يوم الجمعة في مسجدهم:

و ليس يقتصر الأمر على أبي هريرة وحده، بل كان يفعله غيره من إخوانه رضوان الله عليهم جميعا.

ففي " مصنف " ابن أبي شيبة (5590) حدثنا وكيع، عن شداد أبي طلحة، عن معاوية بن قرة، قال:

" أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من مزينة ليس منهم إلا من طعن أو طعن , أو ضرب أو ضرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , إذا كان يوم الجمعة اغتسلوا , و لبسوا من صالح ثيابهم , و نسموا من طيب نسائهم , ثم أتوا الجمعة , و صلوا ركعتين , ثم جلسوا يبثون العلم و السنة حتى يخرج الإمام "

و رواه الخطيب البغدادي في " الفقيه و المتفقه " (959) و اللفظ له. و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (59/ 269) و المزي في " تهذيب الكمال " (28/ 213) و الذهبي في " سير أعلام النبلاء " (5/ 145)

و هذا إسناد حسن. في (شداد) كلام يسير لا ينزل حديثه عن درجة الحسن.

• عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأذن بالدرس قبل الصلاة:

أخرج ابن شبة في " تاريخ المدينة " (1/ 10): حدثنا محمد بن يحيى قال: أنبأنا عبد الله بن موسى التيمي عن أسامة بن زيد عن ابن شهاب قال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير