تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولكنالمانعين للجماعة الثانية - وهم الجمهور - يقولون، إنما قلنا بمنع تكرارالجماعة إذا كان تكرارها يؤدي إلى اختلاف الكلمة ومفارقة الجماعة، ومنابذةالأئمة ووقوع العداوة، فالمقصد الأكبر والغرض الأظهر من وضع الجماعة هوتأليف القلوب واتحاد الكلمة حتى يقع الأنس والمحبة بالمخالطة، وتصفوالقلوب من وضر الحقد والحسد، فإذا كانت الجماعة الثانية تؤدي إلى ضياع هذهالمعاني وغياب هذه المقاصد وإبطال هذه الحِكم فلا تشرع.

وأيضاًفإن إطلاق القول باستحباب تكرار الجماعة، يُعطي ذريعة لأهل الزيغ والضلالوالبدع لإظهار نحلتهم وإعلان بدعتهم. وفي ذلك حصول المكروه، لأجل هذا كلهرأى هؤلاء القوم من أهل العلم منع تكرار الجماعة حفاظاً على وحدة الصفواتحاد الكلمة، ومنعاً لأهل الضلال والباطل من إظهار نحلتهم وبدعتهم.

قال الشافعي [90] ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/120/8.htm#_ftn90) : "… وإنما كرهتُ ذلك لأنه ليس مما فعل السلف قبلنا، بل قد عابه بعضهمقال: وأحسب كراهية من كره ذلك منهم، إنما كان لتفرق الكلمة، وأن يرغب رجلعن الصلاة خلف إمام الجماعة فيتخلف هو ومن أراد عن المسجد في وقت الصلاة، فإذا قضيت دخلوا فجمعوا، فيكون في هذا اختلاف، وتفرق كلمة وفيهما المكروه، وإنما أكره هذا في كل مسجد له إمام ومؤذن، فأما مسجد بُني على ظهر الطريق، أو ناحية لا يؤذن فيه مؤذن راتب، ولا يكون له إمام معلوم ويصلى فيه المارةويستظلون، فلا أكره ذلك فيه، لأنه ليس فيه المعنى الذي وصفت من تفرقالكلمة …".

وقالالإمام ابن عبدالبر - بعد أن ذكر قول الإمام مالك وغيره ممن منع تكرارالجماعة - قال: "هذه المسألة لا أصل لها إلا إنكار جمع أهل الزيغ والبدع، وألا يتركوا وإظهار نحلتهم، وأن تكون كلمة السنة والجماعة هي الظاهرة لأنأهل البدع كانوا يرتقبون صلاة الإمام ثم يأتون بعده، فيجمعون لأنفسهمبإمامهم، فرأى أهل العلم أن يمنعوا من ذلك وجعلو الباب بابا واحداً، فمنعوا منه الكل، والأصل ما وصفت لك". [91] ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/120/8.htm#_ftn91)

وقال الإمام ابن العربي في قولهتعالى: {وَتَفْرِيقاًبَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ} [92] ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/120/8.htm#_ftn92): " يعني أنهم كانوا جماعة واحدة في مسجد واحد، فأرادوا أن يفرّقوا شملهم فيالطاعة وينفردوا عنهم للكفر والمعصية، وهذا يدلّك على أن المقصد الأكثروالغرض الأظهر من وضع الجماعة تأليف القلوب… ولهذا المعنى تفطّن مالك - رضي الله عنه - حين قال: إنه لا تُصلى جماعتان في مسجد واحد لا بإمامينولا بإمام واحد…حيث كان ذلك تشتيتاً للكلمة وإبطالاً لهذه الحِكمة …" [93] ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/120/8.htm#_ftn93).

وقالالباجي: "… ولو جاز الجمع في مسجد مرتين لكان ذلك داعية إلى الافتراقوالاختلاف ولكان أهل البدع يفارقون الجماعة بإمامهم ويتأخرون من جماعتهمثم يُقدّمون منهم، ولو جاز مثل هذا لفعلوا مثل ذلك بالإمام الذي تؤدى إليهالطاعة فيؤدي ذلك إلى إظهار منابذة الأئمة ومخالفتهم ومفارقة الجماعة فوجب [أن يغلق] عليهم هذا الباب.

ووجهآخر: أنه لو وسع في مثل هذا الأمر لأدى إلى أن لا تُراعى أوقات الصلاة، ولأخّر من شاء وصلى بعد ذلك في جماعة. وقصْر الناس على إمام واحد داع إلىمراعاة صلاته والمبادرة إلى إدراك الصلاة معه". [94] ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/120/8.htm#_ftn94)

يظهرمن هذا أن المنع من تكرار الجماعة حيث كان ذلك تشتيتاً للكلمة وتفريقاًللجماعة وتمزيقاً للوحدة، أي ما كان على سبيل التداعي والاجتماع. أما إذالم يكن على هذا الوجه بأن حصل ذلك لنفرٍ قليل تأخروا عن الجماعة لعذر - دون قصد الاختلاف والافتراق عن جماعة المسلمين أو مخالفة الأئمة ومنابذتهم - فإن تكرار الجماعة في مثل هذه الحالة لا يُكره. وقد نصّ على ذلكالقائلون بالمنع، وهذا الشافعي يقول: " .. فإن فعلوا أجزأتهم الجماعة .. واحسب كراهية من كره ذلك منهم أنما كان لتفرق الكلمة" [95] ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/120/8.htm#_ftn95).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير