قال ابن تيمية: "وأوجب عليهم الإيمان به، وبما جاء به، وطاعته، وأن يحللوا ما حلل الله ورسوله، ويحرموا ما حرم الله ورسوله .... " (17).
7 - وجوب الاتباع لهذا الأصل، ولزوم التمسك بما فيه.
قال الشافعي: " ....... وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله، أو سنة رسول –صلى الله عليه وسلم-" (18).
8 - أن وجوب اتباع هذا الأصل عام، فلا يجوز ترك شيء مما دل عليه هذا الأصل، أبدًا، وتحرم مخالفته على كل حال.
قال ابن عبد البر: " ..... وقد أمر الله عز وجل بطاعته –صلى الله عليه وسلم- واتباعه أمرًا مطلقًا مجملاً، لم يقيد بشيء – كما أمرنا باتباع كتاب الله – ولم يقل وافق كتاب الله، كما قال بعض أهل الزيغ" (19).
وقال ابن تيمية: " ...... فلهذا كانت الحجة الواجبة الاتباع: الكتاب والسنة والإجماع، فإن هذا حق لا باطل فيه، واجب الاتباع، لا يجوز تركه بحال، عام الوجوب لا يجوز ترك شيء مما دلت عليه هذه الأصول، وليس لأحدً الخروج عن شيء مما دلت عليه، وهي مبنية على أصلين:
أحدهما: أن هذا جاء به الرسول.
والثاني: أن ما جاء به الرسول وجب اتباعه.
وهذه الثانية إيمانية ضدها الكفر أو النفاق" (20).
9 - وجوب التسليم التام لهذا الأصل وعدم الاعتراض عليه.
خصص الخطيب البغدادي لذلك بابًا في كتاب "الفقيه والمتفقه"، فقال: "باب تعظيم السنن، والحث على التمسك بها، والتسليم لها، والانقياد إليها، وترك الاعتراض عليها" (21).
10 - أن معارضة هذا الأصل قادح في الإيمان.
قال ابن القيم: "إن المعارضة بين العقل ونصوص الوحي لا تتأتى على قواعد المسلمين المؤمنين بالنبوة حقًا، ولا على أصول أحد من أهل الملل المصدقين بحقيقة النبوة، وليست هذه المعارضة من الإيمان بالنبوة في شيء، وإنما تتأتى هذه المعارضة ممن يقر بالنبوة على قواعد الفلسفة" (22).
11 - أن هذا الأصل به تفض المنازعات، وإليه ترد الخلافات، كما قال سبحانه:"فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول" [النساء: 59]، وقال جل شأنه: "وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله" [الشورى: 10].
قال الشافعي: "ومن تنازع ممن بعد رسول الله رد الأمر إلى قضاء الله ثم قضاء رسوله، فإن لم يكن فيما تنازعوا فيه قضاء نصا فيهما ولا في واحد منهما ردوه قياسًا على أحدهما" (23).
وقال ابن تيمية: "فإذا تنازع المسلمون في مسألة وجب ردّ ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول، فأي القولين دل عليه الكتاب والسنة وجب اتباعه" (24).
12 - أن هذا الأصل تمتنع معه الاستشارة.
قال البخاري: "وكانت الأئمة بعد النبي –صلى الله عليه وسلم- يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها.
فإذا وضح الكتاب أو السنة لم يتعدوه إلى غيره؛ اقتداءً بالنبي –صلى الله عليه وسلم-" (25).
13 - أن هذا الأصل يوجب تغيير الفتوى لمن أفتى بخلافه.
وقد بوب الدارمي (26) لذلك في سننه، فقال: "باب الرجل يفتي بشيء، ثم يبلغه عن النبي –صلى الله عليه وسلم-، فرجع إلى قول النبي –صلى الله عليه وسلم-" (1/ 153).
14 - أن هذا الأصل يوجب الرجوع عن الرأي وطرحه إذا كان مخالفًا له.
وقد خصص الخطيب البغدادي لذلك بابًا في كتابه "الفقيه والمتفقه" فقال: "ذكر ما روي من رجوع الصحابة عن آرائهم التي رأوها إلى أحاديث النبي –صلى الله عليه وسلم- إذا سمعوها ووعوها" (1/ 138).
15 - أن هذا الأصل هو الإمام المقدم، فهو الميزان لمعرفة صحيح الآراء من سقيمها.
قال الشافعي: " ..... وأن يجعل قول كل أحد وفعله أبدًا تبعًا لكتاب الله ثم سنة رسوله" (27).
وقال ابن عبد البر: "واعلم يا أخي أن السنة والقرآن هما أصل الرأي والعيار عليه، وليس الرأي بالعيار على السنة؛ بل السنة عيار عليه" (28).
وقال ابن القيم: "وقد كان السلف يشتد عليهم معارضة النصوص بآراء الرجال، ولا يقرون على ذلك" (29).
16 - أن هذا الأصل إذا وجد سقط معه الاجتهاد وبطل به الرأي، وأنه لا يصار إلى الاجتهاد والرأي إلا عند عدمه، كما لا يصار إلى التيمم إلا عند عدم الماء.
17 - أن إجماع المسلمين لا ينعقد على خلاف هذا الأصل أبدًا قال الشافعي: " .. أو إجماع علماء المسلمين، الذين لا يمكن أن يجمعوا على خلاف سنة له" (30).
وقال أيضًا:"أما سنة يكونون مجتمعين على القول بخلافها فلم أجدها قط" (31).
18 - أن القياس موافق لهذا الأصل، فلا يختلفان أبدًا.
¥