فهذه المسألة تدل على أن الخلاف في هذه المسألة وأمثالها ليس راجعا إلى اختلافهم في القاعدة الأصولية السابقة الذكر، وإنما هو راجع لاختلافهم في أمرور أخرى.
وصدق من قال بأن: المختار في الأصول أن مطلق الأمر لا يقتضي الفور ولا التراخي بل مجرد طلب المأمور به. (2)
أبو الأسود البواسل09 - 09 - 2007 PM 08:58 رد: فن تخريج الفروع على الأصول (علم حقيقي أم خيالي)
مثال:2
الزكاة هل هي مؤونة مالية؟
1 - ذكر الزنجاني صاحب تخريج الفروع على الأصول بأن الشافعي ذهب إلى أن الزكاة مؤونة مالية ابتداء،وجبت للفقراء على الأغنياء،بقرابة الإسلام على سبيل المواساة، ومعنى العبادة تبع فيها.
2 - وأشار إلى أن أبا حنيفة ذهب إلى أن الزكاة وجبت عبادة لله تعالى ابتداء،وشرعت ارتياضا للنفس؛لأن الاستغناء بالمال سبب للطغيان، هو سبب من أسباب وقوع الإنسان في الفساد.
ويتفرع على هذا الأصل كما ذكر مسائل منها:
مسألة: هل تجب الزكاة على الصبي والمجنون.
* ذهب الشافعية إلى أن الزكاة تجب على الصبي والمجنون، كما تجب عليهما سائر المؤن المالية،باعتبار أن الزكاة مؤونة مالية كما أشار الزنجاني.
** وذهب الأحناف إلى أن الزكاة لا تجب على الصبي والمجنون، حيث لا عقاب ولا طغيان في حقهما، فالزكاة ستكون اضرارا فقط في حقهم.
وبالنظر الفاحص لهذا الأمر:
نجد أن النووي قال في كتابه المجموع، وهو من أعمدة الفقه الشافعي:
" وقال امام الحرمين في (الاساليب) المعتمد في الدليل لاصحابنا ان الزكاة قربة لله تعالى وكل ما كان كذلك فسبيله أن يتبع فيه امر الله تعالي ولو قال إنسان لوكيله اشتر ثوبا وعلم الوكيل أن غرضه التجارة ولو وجد سلعة هي انفع لموكله لم يكن له مخالفته وإن رآه انفع فما يجب لله تعالي بامره أولي بالاتباع، (فان قالوا) هذا يناقض قولكم في زكاة الصبى أن مقصودها سد الخلة وهذا يقتضي أن المقصود سد الحاجة فلا تتبع الاعيان المنصوص عليها (قلنا) لاننكر أن المقصود الظاهر سد الحاجة ولكن الزكاة مع ذلك قربة فإذا كان المرء يخرج الزكاة بنفسه تعينت عليه النية فلا يعتد بما أخرج لتمكنه من الجمع بين الفرضين * ولو امتنع من أداء الزكاة والنية والاستنابة أخذها السلطان عملا بالفرض الاكبر ولهذا إذا أخرج باختياره لم يعتد به كما لو اخرج الزكاة بلا نية"
.
المهم:
بحثت في كتاب الشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين رحمه الله وجدت التالي:
يقول ابن عثيمين عن مسألة زكاة الصبي والمجنون:
"وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم.
وسبب الخلاف:
أن بعض العلماء جعلها من العبادات المحضة،فقال: إن الصغير والمجنون ليسا من أهل العبادة كالصلاة، فإذا كانت الصلاة لا تجب على المجنون والصغير، فالزكاة من باب أولى.
وبعض العلماء جعل الزكاة من حق المال، أي انها واجبة في المال لأهل الزكاة ... وقال الشيخ:وهذا القول أصح، ودليل ذلك ما يلي: ... "
وتحرير الشيخ ابن عثيمين للمسألة أقرب للصواب في وجهة نظري. والله أعلم وأحكم.
ويبقى السؤال:
على أي أساس كان قولهم: هل الزكاة مؤونة مالية أصلا، وعلى أي أساس وضع تحته الفرع السابق الذكر،وهو مسألة: هل تجب الزكاة على الصغير والمجنون؟!!
العمر قصير والعلم بحر، اللهم علمني ماينفعني اللهم آمين.
أبو الأسود البواسل11 - 09 - 2007 AM 05:52 رد: فن تخريج الفروع على الأصول (علم حقيقي أم خيالي)
بسم الله الرحمن الرحيم
المثال:3
* النفي المضاف إلى جنس الفعل يجب العمل بمقتضاه، ولا يعد مجملا.
أي أن: النفي إذا كان منصبا إلى أصل الفعل فإن المراد الحقيقة الشرعية وليس اللغوية.
والقاعدة السابقة الذكر وضعها الزنجاني كأصل.
وحاول أن يضرب مثالا يوضح القاعدة فقال:
" الإمساك اللغوي الحقيقي، لا يجوز أن يكون مرادا للنبي صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يكن مرادا بطل أحد القسمين،وإذا بطل أحد القسمين تعين الآخر، وهو نفي الصوم الشرعي"
ثم قال: " وذهب الحنفية .... إلى امتناع العمل به،ودعوى الإجمال لتردده بين نفي الصوم الحقيقي الذي هو الإمساك، وبين نفي الصوم الشرعي "
وأضاف:
" ويتفرع عن هذا الأصل:
اعتبار التبييت في الصوم المفروض عندنا عملا بالحديث.
وعدم الاعتبار عندهم."
والمقصود هنا الحديث الذي أخرجه أحمد والترمذي وغيرهما:
¥