تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأحسن طريقة في فهم القاعدة الأصولية وتصورها فيما أحسب، الطريقة التالية:

1 - تعيين القاعدة، وصياغتها بألفاظ مجملة.

2 - دليل القاعدة، ومصدرها.

3 - ذكر الأمثلة على القاعدة، وتحريرها.

4 - تحقيق الخلاف في القاعدة، وضبطه.

في تقديري أن هذه الطريقة أجود ما يساعد على ضبط القاعدة الأصولية، وهي كفيلة بإخراج ما لا حاجة إليه في علم الأصول. ومثال ذلك كأن يقال: ذكر القاعدة: الأمر المطلق يدل على الوجوب. ذكر الدليل: قوله عز وجل: "ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك" قال الشيرازي: (فوبخ الله تعالى إبليس على ترك السجود ومخالفة الأمر فدل على أنه يقتضي الوجوب. وأيضا: قوله تعالى: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" فهذا نص في إيجاب الأمر ونفي التخيير بين الفعل والترك. ويدل عليه أن السيد إذا قال: لعبده اسقني ماء، فلم يسقه. استحق التوبيخ واللوم بإجماع عقلاء أهل اللسان، ولو لم يقتض الأمر الإيجاب لما حسن لومه وتوبيخه).

ذكر الأمثلة:

من الأمثلة التي اختلف فيها الأصوليون بناءً على اختلافهم في دلالة الأمر على الوجوب، ما يلي:

- الكتابة والإشهاد على الدين.

- التسمية عند الأكل، والأكل باليمين.

- التلبية في الحج والعمرة ورفع الصوت بها.

- وجوب وليمة العرس.

- الإشهاد على البيع.

- الإسراع بالجنازة.

- ذكر الخلاف:

- القول بالوجوب.

- القول بالندب.

- التوقف.

- وفي المسألة أقوال أخرى. وأفضل من رأيت مقارب لهذا المنهج من الأصوليين المتقدمين: الشيرازي (ت:476هـ) في جميع كتبه الأصولية "اللمع" و"شرحه" و"التبصرة" وهو في الأخير أكثر جلاء. وضعف التصور قد ينشأ من قلة الاطلاع، أو عدم التعمق في البحث، وكلاهما للباحث كالسمع والبصر للإنسان. وقد ينتج من ضعف الاستقراء والتتبع، وهو المقترح الثاني.

الثانية: الاستقراء والتتبع.

عدم الاستقراء سمة لازمة في كثير من الدراسات المعاصرة إلا ما ندر. فالاستقراء التام قدر المستطاع مقياس للبحث الجاد، ووسيلة حتمية لبناء نتائج علمية محققة. ولا يختلف الباحثون في أهميته للعلوم، إذ هو الأصل في تطور العلوم، وهو الأساس المعتمد، والمنهج المقترح نحو التجديد في كافة العلوم. إذا ضعف الاستقراء أو عدم فيما حقه أن يستقرأ، فلا تحتفل بتلك النتائج، ولا تثق بالأصول المبنية من غير طريقه مهما كان أثرها، أو عم انتشارها، لأنها مهما امتد بها الأجل ستجد ما ينقض أصلها، ويبدد قاعدتها، ولو بعد حين. انظر مثالا لنقص الاستقراء في كتاب: "الاستقراء" للطيب السنوسي (ص426و445). والأمثلة حول هذه المسألة أكثر من أن تحصر. (أهمية الاستقراء) وكل ما أذكره لك من مقترحات من قبل ومن بعد فأصله وأسّه، وشرط إنتاجه الاستقراء لا غير. فقبل كل تقرير أو تقعيد أو تأصيل- كما ذكر الأستاذ محمود شاكر- لابد من توفر أمرين:

الأمر الأول: جمع المادة من مظانها على وجه الاستيعاب المتيسر، ثم تصنيف هذا المجموع، ثم تمحيص مفرادته تمحيصاً دقيقاً، وذلك بتحليل أجزائها بدقة متناهية، وبمهارة وحذر، حتى يتيسر للدارس أن يرى ما هو زيفٌ جلياً واضحاً، وما هو صحيح مستبيناً ظاهراً، بلا غفلة، وبلا هوى، وبلا تسرع.

الأمر الثاني: التطبيق فيقتضي إعادة تركيب المادة بعد نفي زيفها وتمحيص جيّدها، باستيعاب أيضاً لكل احتمال للخطأ أو الهوى أو التسرع، ثم على الدارس أن يتحرّى لكل حقيقة من الحقائق موضعاً هو حقُّ موضعها، لأن أخفى إساءةٍ في وضع إحدى الحقائق في غير موضعها، خليقٌ أن يشوه عمود الصورة تشويهاً بالغ القبح والشناعة. (أباطيل وأسمار24 - 25 بتصرف يسير) ولا يخفى على كل من له أدنى إلمام بعلم الأصول أهمية الاستقراء في هذا العلم. وفي هذا يقول الشاطبي: (وأصول الفقه؛ إنما معناها استقراء كليات الأدلة، حتى تكون عند المجتهد نصب عين وعند الطالب سهلة الملتمس). (الاعتصام 1/ 44) (حال القاعدة الأصولية بعد الاستقراء) والقاعدة الأصولية بعد الاستقراء قد يظهر فيها الخلل والقصور في الصياغة والتطبيق من ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: من جهة التقعيد والتعميم، فقد تحتاج إلى قيد، أو استثناء، أو عدم الاطراد حسب الأدلة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير