وقال الأمام ابن دقيق:
(لو استدل مستدل بلفظ يحتمل أمرين على السواء لكانت الدلالة منتفية) (17)
9 - إذا صح الحديث فلا يلتفت الى الاحتمالات.
تكلم الأمام ابن دقيق على مسالة الترتيب في قضاء الصلوات الفائتة ثم قال:
(وقد ورد التصريح بما يقتضي الترجيح للتقدير الأول وهو (أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بالعصر وصلى بعدها المغرب) وهو حديث صحيح. فلا يلتفت إلى غيره من الاحتمالات والترجيحات.) (18)
تكلم الأمام ابن دقيق على حديث الإشارة إلى الأنف والجبهة وجعلهما كعضو واحد فقال:
(قد اختلفت العبارة مع الإشارة إلى الأنف. فإذا جعلا كعضو واحد أمكن أن تكون الإشارة إلى أحدهما إشارة إلى الآخر. فتطابق الإشارة العبارة وربما استنتج من هذا: أنه إذا سجد على الأنف وحده أجزأه؛ لأنهما إذا جعلا كعضو واحد كان السجود على الأنف كالسجود على بعض الجبهة فيجزئ. والحق أن مثل هذا لا يعارض التصريح بذكر الجبهة والأنف، لكونهما داخلين تحت الأمر) (19)
10 - الأصل في الأحكام أنها معقولة المعنى.
قال الأمام ابن دقيق:
(الأمر بالغسل ظاهر في تنجيس الإناء. وأقوى من هذا الحديث في الدلالة على ذلك: الرواية الصحيحة. وهي قوله صلى الله عليه وسلم (طهور إناء أحدكم، إذا ولغ فيه الكلب: أن يغسل سبعا) فإن لفظة " طهور " تستعمل إما عن الحدث، أو عن الخبث. ولا حدث على الإناء بالضرورة. فتعين الخبث. وحمل مالك هذا الأمر على التعبد، لاعتقاده طهارة الماء والإناء. وربما رجحه أصحابه بذكر هذا العدد المخصوص، وهو السبع؛ لأنه لو كان للنجاسة: لاكتفى بما دون السبع فإنه لا يكون أغلظ من نجاسة العذرة. وقد اكتفى فيها بما دون السبع. والحمل على التنجيس أولى.؛ لأنه متى دار الحكم بين كونه تعبدا، أو معقول المعنى، كان حمله على كونه معقول المعنى أولى. لندرة التعبد بالنسبة إلى الأحكام المعقولة المعنى.) (20)
11 - الأصل في العبادات التوقيف.
قال الأمام ابن دقيق:
(قد منعنا إحداث ما هو شعار في الدين. ومثاله: ما أحدثته الروافض من عيد ثالث، سموه عيد الغدير. وكذلك الاجتماع وإقامة شعاره في وقت مخصوص على شيء مخصوص، لم يثبت شرعا. وقريب من ذلك: أن تكون العبادة من جهة الشرع مرتبة على وجه مخصوص. فيريد بعض الناس: أن يحدث فيها أمرا آخر لم يرد به الشرع، زاعما أنه يدرجه تحت عموم. فهذا لا يستقيم؛ لأن الغالب على العبادات التعبد، ومأخذها التوقيف.) (21)
وقال الأمام ابن دقيق:
(اختلف الناس: هل تعم الأركان كلها بالاستلام، أم لا؟ والمشهور بين علماء الأمصار: ما دل عليه هذا الحديث. وهو اختصاص الاستلام بالركنين اليمانيين. وعلته: أنهما على قواعد إبراهيم عليه السلام. وأما الركنان الآخران فاستقصرا عن قواعد إبراهيم. كذا ظن ابن عمر. وهو تعليل مناسب. وعن بعض الصحابة: أنه كان يستلم الأركان كلها، ويقول " ليس شيء من البيت مهجورا " واتباع ما دل عليه الحديث أولى. فإن الغالب على العبادات: الإتباع) (22)
وقال الأمام ابن دقيق:
(المختار عند أهل الأصول: أن قوله " أمر " راجع إلى أمر النبي صلى الله عليه وسلم. وكذا " أمرنا " و " نهينا "؛ لأن الظاهر: انصرافه إلى من له الأمر والنهي شرعا. ومن يلزم إتباعه ويحتج بقوله، وهو النبي صلى الله عليه وسلم. وفي هذا الموضع زيادة على هذا. وهو أن العبادات والتقديرات فيها: لا تؤخذ إلا بتوقيف.) (23)
وقال الأمام ابن دقيق:
(استدل بقوله (فكبر) على وجوب التكبير بعينه. وأبو حنيفة يخالف فيه ويقول إذا أتى بما يقتضي التعظيم كقوله الله اجل أو أعظم كفى.
وهذا نظر منه إلى المعنى وان المقصود التعظيم فيحصل بكل ما دل عليه. وغيره اتبع اللفظ وظاهره يعين التكبير. ويتأيد ذلك بان العبادات محل التعبدات ويكثر ذلك فيها فالاحتياط فيها الإتباع) (24).
وقال الأمام ابن دقيق:
(مقادير العبادات يغلب عليها التعبد) (25)
12 - الأصل عدم إثبات المعاني إلا بدليل شرعي:
قال الأمام ابن دقيق:
(الوجه الثاني: في تفسير معنى: " الحدث " فقد يطلق بإزاء معان ثلاثة: أحدها: الخارج المخصوص الذي يذكره الفقهاء في باب نواقض الوضوء. ويقولون: الأحداث كذا وكذا. الثاني: نفس خروج ذلك الخارج.
¥