(وقد يؤخذ من الحديث: أنه لا يصوم عنه الأجنبي، إما لأجل التخصيص، مع مناسبة الولاية لذلك، وإما؛ لأن الأصل: عدم جواز النيابة في الصوم؛ لأنه عبادة لا يدخلها النيابة في الحياة. فلا تدخلها بعد الموت كالصلاة. وإذا كان الأصل عدم جواز النيابة: وجب أن يقتصر فيها على ما ورد في الحديث. ويجري في الباقي على القياس.) (30)
وقال الأمام ابن دقيق:
(فيه حجة لمن يشترط التسمية على الإرسال؛ لأنه وقف الإذن في الأكل على التسمية، والمعلق بالوصف ينتفي بانتفائه عند القائلين بالمفهوم. وفيه ههنا زيادة على كونه مفهوما مجردا وهو أن الأصل: تحريم أكل الميتة، وما أخرج الإذن منها إلا ما هو موصوف بكونه مسمى عليه، فغير المسمى عليه: يبقى على أصل التحريم، داخلا تحت النص المحرم للميتة.) (31)
وتكلم الأمام ابن دقيق على خلاف الفقهاء في مسالة أكل الكلب من الصيد ثم قال:
(وإذا أكل الكلب من الصيد ففيه قولان للشافعي: أحدهما: لا يؤكل لهذا الحديث ولما أشار إليه من العلة فإن أكله دليل ظاهر على اختيار الإمساك لنفسه. والثاني: أنه يؤكل لحديث آخر ورد فيه من رواية أبي ثعلبة الخشني وحمل هذا النهي في حديث عدي على التنزيه، وربما علل بأنه كان من المياسير فاختير له الحمل على الأولى وأن أبا ثعلبة كان على عكس ذلك فأخذ له بالرخصة وهو ضعيف؛ لأنه علل عدم الأكل بخوف الإمساك على نفسه وهذه علة لا تناسب إلا التحريم، أعني تخوف الإمساك على نفسه. اللهم إلا أن يقال: إنه علل بخوف الإمساك، لا بحقيقة الإمساك. فيجاب عن هذا: بأن الأصل التحريم في الميتة فإذا شككنا في السبب المبيح: رجعنا إلى الأصل) (32)
14 - تردد الحكم بين أصول متعددة:
تكلم الأمام ابن دقيق على حديث الولد للفراش فقال:
(والحديث أصل في إلحاق الولد صاحب الفراش. وإن طرأ عليه وطء محرم. وقد استدل به بعض المالكية على قاعدة من قواعدهم، وأصل من أصول المذهب وهو الحكم بين حكمين، وذلك أن يكون الفرع يأخذ مشابهة من أصول متعددة فيعطى أحكاما مختلفة ولا يمحض لأحد الأصول. وبيانه من الحديث: أن الفراش مقتض لإلحاقه بزمعة والشبه البين مقتض لإلحاقه بعتبة فأعطي النسب بمقتضى الفراش. وألحق بزمعة، وروعي أمر الشبه بأمر سودة بالاحتجاب منه. فأعطي الفرع حكما بين حكمين فلم يمحض أمر الفراش فتثبت المحرمية بينه وبين سودة، ولا روعي أمر الشبه مطلقا فيلتحق بعتبة قالوا: وهذا أولى التقديرات. فإن الفرع إذا دار بين أصلين، فألحق بأحدهما مطلقا، فقد أبطل شبهه الثاني من كل وجه وكذلك إذا فعل بالثاني، ومحض إلحاقه به: كان إبطالا لحكم شبهه بالأول فإذا ألحق بكل واحد منهما من وجه: كان أولى من إلغاء أحدهما من كل وجه.) (33)
15 - السؤال عن كيفية الشيء يكون بعد ثبوت الأصل.
تكلم الأمام ابن دقيق على مسالة غسل المحرم لرأسه فقال:
(وقوله " أرسلني إليك ابن عباس يسألك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه؟ " يشعر بأن ابن عباس كان عنده علم بأصل الغسل. فإن السؤال عن كيفية الشيء: إنما يكون بعد العلم بأصله. وفيه دليل على أن غسل البدن كان عنده متقرر الجواز، إذ لم يسأل عنه، وإنما سأل عن كيفية غسل الرأس.) (34)
16 - الأصل هو استواء الفرض والنفل في الأحكام.
تكلم الأمام ابن دقيق على حديث حمل النبي صلى الله عليه وسلم لأمامة بنت زينب في الصلاة فقال:
(الوجه الثاني: أن هذا الفعل كان للضرورة. وهو مروي أيضا عن مالك وفرق بعض أتباعه بين أن تكون الحاجة شديدة، بحيث لا يجد من يكفيه أمر الصبي، ويخشى عليه. فهذا يجوز في النافلة والفريضة. وإن كان حمل الصبي في الصلاة على معنى الكفاية لأمه، لشغلها بغير ذلك: لم يصلح إلا في النافلة. وهذا أيضا عليه من الإشكال: أن الأصل استواء الفرض والنفل في الشرائط والأركان إلا ما خصه الدليل.) (35)
17 - ما ثبت بأصل الشرع أقوى مما ثبت بالنذر.
قال الأمام ابن دقيق:
¥