تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قولنا (من أمة محمدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) قيد يخرج ما سوى الأمة المحمدية كاليهود والنصارى، والمراد بالأمة هنا أمة الإجابة وهم المسلمون أتباع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وعليه فيخرج من كُفِّر ببدعته فلا عبرة بقوله.

قولنا (بعد وفاته) قيد يخرج ما كان في حياته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؛ إذ لاحاجة إلى الإجماع حينئذٍ لنزول الوحي.

قولنا (في عصرٍ من العصور) بيان أن المراد مجتهدو العصر الواحد وليس جميع المجتهدين في جميع العصور إلى قيام الساعة؛ لأنه يلزم منه عدم حصول الإجماع إلا بعد قيام الساعة ولا تكليف عندئذٍ فلا حاجة إلى الإجماع.

ويؤخذ من قولنا (عصر) أنه في أي عصرٍ كان فلا يختص ذلك بعصر الصحابة كما سيأتي بيانه.

قولنا (على أمرٍ ديني) قيد يخرج ما سوى الأمور الدينية كالأمور الدنيوية والعقلية واللغوية ونحوها فهي غير داخلة في الإجماع الشرعي المعصوم والمراد هنا، ويدخل في الأمر الديني العقائد والأحكام.

ثانياً: إمكان حصول الإجماع وانعقاده:

ذهب الأكثرون إلى القول بجواز حصول الإجماع وإمكان انعقاده، وذهب بعضهم _ وهم الأقل _ إلى عدم جواز ذلك، وسوف نكتفي بذكر أدلة القول الأول وذلك لضعف وشذوذ القول الثاني (الكلام في هذه المسألة عن الجواز العقلي لا الوقوع الشرعي).

أدلة القول بجواز حصول الإجماع وإمكان انعقاده:

الدليل الأول: وجوده وحصوله فقد وجدنا الأمة مجمعة على أن الصلوات خمس وأن صوم رمضان واجب، وكيف يمتنع تصوره والأمة كلهم متعبدون باتباع النصوص والأدلة القاطعة ومعرضون للعقاب بمخالفتها.

فإن قيل هذه الأمور حصلت بالتواتر وليس بالإجماع؟

أجيب بأن هذه الأمور حصلت بالأمرين معاً: التواتر والإجماع مقارنة أو مرتباً بمعنى أنه حصل الإجماع والتواتر معاً، أو حصل التواتر ثم الإجماع، أو حصل الإجماع ثم التواتر فالمقصود هو أنه حصل فيها الإجماع وهو المطلوب.

فإن قيل هذه علمت من الدين بالضرورة ومحل الخلاف هو فيما لم يعلم بالضرورة؟

أجيب: بأنه حصل الإجماع كذلك فيما لم يعلم بالضرورة كالإجماع على أجرة الحمام وأجرة الحلاق، وخلافة أبي بكر رضي الله عنه، وتحريم شحم الخنزير، وتحريم بيع الطعام قبل القبض، وتوريث الجدة السدس، وتحريم الجمع بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها وغير ذلك.

الدليل الثاني: القياس على حصول الإجماع في الأمور الدنيوية فكما لا يمتنع اجتماعهم على الأكل والشرب لتوافق الدواعي فكذلك على اتباع الحق واتقاء النار.

الدليل الثالث: القياس على حصول الاتفاق من الأمم الباطلة فكما حصل إطباق اليهود مع كثرتهم على الباطل فلم لا يتصور إطباق المسلمين على الحق؟!.

الدليل الرابع: أن الأصل هو الجواز والإمكان، ويلزم من يدعي خلاف ذلك أن يأتي بالدليل.

ثالثاً: إمكان الاطلاع على الإجماع و العلم به:

اختلف في هذا على أقوال:

الأول: أنه يمكن العلم بالإجماع والاطلاع عليه في جميع العصور وهو قول الجمهور.

الثاني: أنه يمكن العلم بالإجماع والاطلاع عليه في العصور الثلاثة فقط وهو قول صاحب فواتح الرحموت.

الثالث: أنه يمكن العلم بالإجماع والاطلاع عليه في عصر الصحابة فقط، وأما بعدهم فيتعذر ذلك، وهو رواية عن أحمد وظاهر صنيع ابن حبان في صحيحه ومال إليه شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية وهو قول الفخر الرازي والآمدي وهو قول ابن حزم إلا أن هؤلاء يخالفون ابن حزم في الحجية فابن حزم يقصر الحجية على الصحابة فقط والبقية يرونه حجة في كل وقت وإنما يرون تعذر الاطلاع عليه بعد الصحابة.

الرابع: أنه لا يمكن العلم بالإجماع ولا الاطلاع عليه مطلقاً، وهو قول من رأى عدم إمكانية حصول الإجماع من باب أولى، ومن رأى عدم حجيته أيضاً كالنظام المعتزلي وبعض الشيعة والخوارج.

لعل أقرب هذه الأقوال هو القول الثالث وذلك لكثرة المجتهدين وتفرقهم في البلاد مما يتعذر معه جمع أقوالهم في وقت واحد بخلاف عصر الصحابة فالمجتهدون منهم معلومون بأسمائهم وأعيانهم وأماكنهم واجتماعهم لا سيما بعد وفاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زمناً قليلاً (الكلام هنا عن إمكان الاطلاع على الإجماع لا عن حجيته).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير