ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[29 - 11 - 07, 10:42 م]ـ
ومن المضحكات المبكيات عند من ينكر الإجماع قوله:
(هل حفظ الله عز وجل الذكر كاملا أو لا؟
إن قلت: حفظه كاملا، فقد سقط الإجماع
وإن قلت: لم يحفظه كاملا، فقد كذبت بالقرآن)!!
والجواب من وجوه:
الوجه الأول: هل هذه الحجة التي ذكرتها موجودة في القرآن؟ إن قلت: لا فقد سقط كلامك؛ لأنك استدللت بشيء ليس في الذكر، وإن قلت نعم، فهيهات!
الوجه الثاني: هل الذكر المحفوظ محفوظ الألفاظ فقط، أو محفوظ المعاني أيضا؟
إن قلت: محفوظ الألفاظ فقط، فقد أسقطت الشرائع؛ لأن لكل منا أن يدعي من المعاني ما شاء.
وإن قلت: محفوظ المعاني أيضا، ثبتت صحة الإجماع.
الوجه الثالث: الأحاديث المذكورة في الكتب بعضها صحيح وبعضها غير صحيح، فكيف عرفنا الصحيح من غير الصحيح؟
إن قلت: من الأحاديث، فقد كابرت؛ لأن الشيء لا يكون حاكما على نفسه.
وإن قلت: من كلام علماء الحديث، فقد سقط كلامك؛ لأنك جعلت الذكر محتاجا لكلام علماء الحديث.
الوجه الرابع: لغة العرب التي يرجع إليها في تفسير نصوص الكتاب والسنة، هل هي من الذكر أو لا؟ إن قلت: هي من الذكر، قلنا: والإجماع كذلك من الذكر بل أولى، وإن قلت: ليست من الذكر، سقط كلامك؛ لأنك جعلت الذكر محتاجا إلى غيره.
الوجه الخامس: هل تفهم القرآن بنفسك أو بالرجوع إلى الكتب مثلا أو أهل العلم أو غير ذلك؟ إن قلت بنفسك فهذه مكابرة؛ لأن الطفل لا يمكنه فهم القرآن بنفسه، وإن قلت بالرجوع إلى شيء من ذلك، فقد سقط قولك؛ لأنك جعلت الذكر محتاجا إلى غيره في فهمه.
قد تقول: هذه الكتب هي من الذكر، نقول: وكذلك الإجماع هو من الذكر.
الوجه السادس: هل كل المسائل الفقهية مذكورة نصا في الكتاب والسنة، وهل كل الوقائع التي تحصل للناس يوما بعد يوم مذكورة نصا في الكتاب والسنة؟ إن قلت نعم فقد كابرت، وإن قلت: لا، فقد نقضت قولك؛ لأنك جعلت الذكر محتاجا إلى غيره.
فإن قلت: ليست مذكورة نصا، ولكنها مذكورة بقواعد عامة تنتظم أفرادها.
قلنا: وكذلك إجماعات أهل العلم مذكورة بقاعدة عامة وهي اتباع سبيل المؤمنين.
الوجه السابع: العامي الذي لا يقدر على الاستنباط من النصوص، ماذا يفعل؟ أيأخذ من النصوص مباشرة أو بسؤل أهل العلم؟ إن قلت بالأول فقد كابرت؛ لأنه لا يستطيع ذلك، وإن قلت بالثاني فقد جعلت الذكر محتاجا إلى أهل العلم في بيانه.
فإن قلت: الذكر هو الذي أمرنا بالرجوع إلى أهل العلم لسؤالهم.
قلنا: والذكر هو الذي أمرنا باتباع سبيل المؤمنين وعدم الخروج عنه.
والله تعالى أعلى وأعلم.
ـ[أبو الفضل المصرى]ــــــــ[30 - 11 - 07, 01:04 م]ـ
لا بُد للإجماع من مستند من الكتاب والسنة، وهذا يعني أنه ليسَ بدليل استقلالاً وإنما هو دليلٌ تبعيٌّ.
قال الإمام الجليل أبو محمد بن حزم في كتابه الإحكام " (4/ 137 ـ 139):
" ومن طريق النظر الضروري الراجع إلى العقل والمشاهدة والحس أننا نسأل من أجاز أن يجمع علماء المسلمين على ما لا نص فيه فيكون حقًّا لا يسع خلافه، فنقول له، وبالله تعالى التوفيق: أفي الممكن عندك أن يجتمع علماء جميع الإسلام في موضع واحد، حتى لا يشذ عنهم منهم أحد بعد افتراق الصحابة رضي الله عنهم في الأمصار؟ أم هذا ممتنع غير ممكن البتة؟
فإن قال:هذا ممكن كابر العيان، فقد افترق الصحابة رضي الله عنهم في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم وهلمَّ جرّا لم يجتمعوا مذ أن افترقوا، فصار بعضهم في اليمن في مدنها وبعضهم في عُمان، وبعضهم في البحرين، وبعض في الطائف، وبعض بمكة، وبعض بنجد، وبعض بجبل طيىء، وكذلك في سائر جزائر العرب.
ثم اتسع الأمر بعده عليه السلام، فصاروا من السند وكابل إلى مغارب الأندلس، وسواحل بلاد البربر، ومن سواحل اليمن إلى ثغور أرمينية، فما بين ذلك من البلاد البعيدة واجتماع هؤلاء ممتنع غير ممكن أصلاً لكثرتهم وتنائي أقطارهم.
فإن قال ليس اجتماعهم ممكنا قلنا صدقت!
¥