تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ففي هذا الحديث نرى أن ابن مسعود رضي الله عنه خالف عثمان رضي الله عنه في إتمامه الصلاة بمنى وكان لعثمان اجتهاده في ذلك واحتج ابن مسعود رضي الله عنه بما عهده من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وخليفتيه

على ما أنكر من مذهب أميره عثمان رضي الله عنه،وأشهر ذلك بين الناس لكنه لم تدفعه سورة المخالفة إلى حدود المقاطعة والمنازعة بل صلى مع عثمان أربعا لا يرى سنيتها فحصل بذل شرفيين شرف الأمر بالمعروف بإفشائه السنة وشرف لزوم الجماعة ونبذ الفرقة بصلاته مع عثمان رضي الله عنه، وقد استشكل بعض طلاب ابن مسعود هذا الازدواج بين ما يُفتي به وبين ما يفعله كما في سنن أبي داود (ح1960) والبيهقي (5219) فقال له ابن مسعود رضي الله عنه: الخلاف شر.

الوقفة الخامسة: طبيعة المجتهد لها أثر في الاجتهاد

المجتهدون بشر فيهم نوازع البشر وميوله، وتتأثر تصوراتهم ومواقفهم العلمية والعملية بنفسياتهم وما جبلوا عليه طبيعة، ولذلك عرف بعض المجتهدين من الصحابة ومن بعدهم بالميل إلى الترخيص والتيسير كما عرف البعض الآخر بالميل إلى العزيمة والتشمير، ولأن ترخص الأول بالشرع لا بالهوى فلا يكون ملوما،فكذلك تحجير الثاني وحزمه بالشرع فلا يكون مذموما، والنماذج كثير في ذلك لكننا نكتفي هنا بشخصيتين من الصحابة اشتهرت إحداهما بالترخيص والتيسير واشتهرت الأخرى بالعزيمة والتشمير

الأولى: شخصية عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما

والأخرى شخصية عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما

وحتى لا نخرج عن نطاق الحج فقد كان عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما يميل إلى كف المحرم عن كثير من الإرفاه حتى إنه يرى رجلا يستظل بممحمل فقال له: أضح لمن أحرمت له، وكان لا يغتسل وهو محرم إلا من الجنابة ويتحرج وهو محرم من تقريد بعيره [انظر الموطأ (706)

والبيهقي (8974)] [وانظر الموطأ رواية محمد ابن الحسن (ح432)]

في حين كان ابن عباس يدخل الحمام (أي الحمام البخاري) وهو محرم ويقول:أميطوا عنكم الأذى فإن الله لا يصنع بأوساخكم شيئا كما في المصنف لابن أبي شيبة (ح14791) والبيهقي (8907)

والمجتهدون في كل زمان ومكان تنتظمهم هذه الثنائية وهي من لطف الله بعباده حتى تبقى سعة في الدين وفسحة في العمل.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير