2 - الندب، ومثل له الآمدي بقوله تعالى:" فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا" النور:33.
3 - الإرشاد، ومثل لله الآمدي بقوله تعالى:" واستشهدوا شهيدين من رجالكم .. ".
والفرق بين الندب والإرشاد هو ما ذكره الزركشي في البحر المحيط "2/ 356" “بأن المندوب مطلوب لمنافع الآخرة والإرشاد لمنافع الدنيا، والأول فيه الثواب، والثاني لا ثواب فيه”.
وبالنظر في حقيقة دلالة الأمر والنهي، نجد أن الأصوليين يذكرون أقوالا كثيرة تصل إلى خمسة عشر قولا كما في الإحكام 2/ 10 وشرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 291 وغيرهما، وأهمها قولان:
الأول: قول الجمهور وهو أن الأصل في الأمر أنه للوجوب، والأصل في النهي أنه للتحريم.
الثاني: قول كثير من المعتزلة كأبي هاشم وغيره وبعض الفقهاء أن الأمر حقيقة في الندب، والنهي حقيقة في الكراهة.
إلا أننا نجد عند تطبيق كلام أهل العلم على النصوص نجد أن كثيرا منهم يعتبرون أصلا في هذا الباب وهو: أن الأمر في مسائل الآداب للاستحباب، والنهي في مسائل الآداب للكراهة إلا بقرينة. وهو متقرر عندهم في مسائل التطهر وأبواب الآداب. ونسمعها من شيوخنا رحم الله من مات منهم وحفظ اللأحياء, فقد سمعتها من شيخنا الشيخ عبدالله ابن قعود، ونقلها عن الشيخ عبدالرزاق عفيفي، وذكرها الشيخ محمد العثيمين رحمهم الله جميعا.
وحيث أن كثيرا من علماء الأصول لم يذكروا هذه القاعدة فيما أعلم، ولعلهم تركوها لتقررها عندهم، ولذا أحببت أن أذكر من نص عليها من الأئمة، ومن طبقها دون أن ينص عليها.
وللوصول لهذا الهدف فقد طالعت شروح الأحاديث التي ظننت أنها من موارد البحث في الكتب التالية:
1 - فتح الباري لابن حجر.
2 - شرح صحيح مسلم للنووي.
3 - التمهيد لابن عبدالبر.
4 - العدة على إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، العدة للصنعاني والإحكام لابن دقيق العيد.
5 - طرح التثريب لأبي زرعة العراقي.
6 - تفسير الآيات الواردة من تفسير القرطبي والشنقيطي.
7 - كتب الآداب الشرعية مثل الآداب الشرعية لابن مفلح وشرح منظومة الآداب للسفاريني.
ومقصودي من هذا البحث بيان استعمال أهل العلم لهذا القاعدة وأنها متقررة عندهم وإن اختلفوا في الفروع المذكورة، فلا يفهم من إيراد نقل عن إمام في مسألة ما موافقته أو بحث المسألة فقهيا، إذ للمسائل الفقهية مواطنها، فذكرها للاستدلال للقاعدة.
وأسأل الله العون والتوفيق أنه جواد كريم.
ذكر من ذكر القاعدة بالنص
أولا: قول الإمام الشافعي رحمه الله
يفصل الشافعي رحمه الله في مبحث له في آخر كتاب الأم 7/ 292 - 293 فيقول:
كتاب صفة نهي رسولالله صلى الله عليه وسلمأصل النهي من رسولالله صلى الله عليه وسلم أن كل ما نهى عنه فهو محرم حتى تأتي عنه دلالة تدل على أنهإنما نهى عنه التحريم إما أراد به نهيا عن بعض الأمور دون بعض وإما أراد به النهيللتنزيه عن المنهيوالأدب والاختيارولا نفرق بين نهي النبي صلى الله عليهوسلم إلا القدرة-كذا- عن رسول الله صلى الله عليه وسلمأو أمر لم يختلف فيهالمسلمون فنعلم أن المسلمين كلهم لا يجهلون سنة وقد يمكن أن يجهلها بعضهمفمما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان على التحريم لم يختلفأكثر العامة فيه أنه نهى عن الذهب بالورق إلا هاء وهاء وعن الذهب بالذهب إلا مثلابمثل يدا بيد ونهى عن بيعتين في بيعة فقلنا إذا تبايع المتبايعان ذهبا بورق أو ذهبابذهب فلم تيقابضا قبل أن يتفرقا فالبيع مفسوخ وكان حجتنا أن النبي صلى الله عليهوسلم لما نهى عنه صار محرما وإذا تبايع الرجلان بيعتين في بيعة فالبيعتان جميعامفسوختان بما انعقدت وهو أن يقول أبيعك على أن تبيعني لأنه إنما انعقدت العقدة علىأن ملك كل واحد منهما عن صاحبه شيئا ليس في ملكه ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عنبيع الغرر ومنه أن أقول سلعتي هذه لك بعشرة نقدا أو القدرة عشر إلى أجل فقد وجبعليه بأحد الثمنين لأن البيع لم ينعقد بشيء معلوم وبيع الغرر فيه أشياء كثيرة نكتفيبهذا منها ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشغار والمتعة فما انعقدت على شيءمحرم على ليس في ملكي بنهي النبي صلى الله عليه وسلم لأني قد ملكت المحرم بالبيعالمحرم فأجرينا النهي مجرى واحدا إذا لم يكن عنه دلالة تفرق بينه ففسخنا هذهالأشياء والمتعة والشغار كما فسخنا البيعتينومما نهى عنه رسول الله صلىالله عليه وسلم في
¥