تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَنَازَعَهُ الْأَصْفَهَانِيُّ لِمَا فِيهِ مِنْ تَوْهِيمِ الْأَئِمَّةِ.

قَالَ: وَمَا اسْتَبْعَدَ النَّقْلُ ضَعِيفٌ، فَإِنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّ الْمُشْتَرَكَ كَالْعَامِّ فِي مَعْنَى اسْتِغْرَاقِهِ لِمَدْلُولَاتِهِ وَوُجُوبِ الْحَمْلِ عَلَى جَمِيعِ مَعَانِيهِ الْمُخْتَلِفَةِ عِنْدَ التَّجَرُّدِ عَنْ الْقَرَائِنِ، فَهُوَ كَالْعَامِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، لِأَنَّ الْأَفْرَادَ الدَّاخِلَةَ تَحْتَ الْمُشْتَرَكِ مِثْلُ الْأَفْرَادِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ الْعَامِّ حَتَّى يَلْزَمَ التَّوَاطُؤُ.

وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: وَعَلَيْهَا الْإِمَامُ الرَّازِيَّ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ.

وَتَقْدِيرُهَا أَنَّ لِلسَّامِعِ أَحْوَالًا ثَلَاثَةً: إمَّا أَنْ يَتَوَقَّفَ فَيَلْزَمُ التَّعْطِيلُ لَا سِيَّمَا عِنْدَ وَقْتِ الْحَاجَةِ، أَوْ يُحْمَلَ أَحَدُهُمَا فَيَلْزَمُ التَّرْجِيحُ بِلَا مُرَجِّحٍ، لَمْ يَبْقَ إلَّا الْحَمْلُ عَلَى الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ أَحْوَطُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى مَدْلُولَاتِ اللَّفْظِ بِأَسْرِهَا، وَلِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ غَيْرُ جَائِزٍ، فَإِذَا جَاءَ وَقْتُ الْعَمَلِ بِالْخِطَابِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّ الْمَقْصُودَ أَحَدُهُمَا عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَجْمُوعُ، وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ جَرَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فَقَالَ: إنْ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى تَعْيِينِ أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ لِلْإِرَادَةِ حَمَلْنَاهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، لَا لِأَنَّهُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ وَضْعًا، بَلْ لِأَنَّ اللَّفْظَ دَلَّ عَلَى أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَتَعَيَّنْ، وَلَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَتِهِ إلَّا بِالْجَمِيعِ.

قَالَ: وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ وُجُوبًا أَوْ كَرَاهَةً، وَلَوْ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى تَعْيِينِ الْقُرْءِ لِلطُّهْرِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ، وَلَا عَلَى تَعْيِينِهِ لِلْحَيْضِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ لَوَجَبَ أَنْ تَتَرَبَّصَ الْمَرْأَةُ مِنْهُمَا جَمِيعًا، لِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ تَعْلِيقُ الْوُجُوبِ بِالْقُرْءِ،

وَإِنَّمَا الْمُبْهَمُ تَعَيُّنُ الْمُرَادِ مِنْهُمَا، وَلَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ وُجُوبِ التَّرَبُّصِ وَالْحَلِّ لِلْأَزْوَاجِ إلَّا بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ أَقُولُ: إنْ صَحَّ أَنَّ الشَّفَقَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى تَعْيِينِ أَحَدِهِمَا لِلْإِرَادَةِ وَجَبَ أَنْ لَا تَصِحَّ صَلَاةُ الْعِشَاءِ إلَّا بَعْدَ غَيْبُوبَةِ آخِرِهِمَا وَهُوَ الْبَيَاضُ، وَمَنْ رَجَّحَ الْحَمْلَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى تَعَيُّنِهِ لِلْإِرَادَةِ بِخُصُوصِهِ.

فَإِنْ قُلْت: قَدْ ذُكِرَ أَنَّهُ يُعْمَلُ عَلَى تَقْدِيرِ الِاشْتِرَاكِ بِالْأَمْرَيْنِ مَعَ أَنَّ عَدَمَ تَعَيُّنِ الْمُرَادِ يُوجِبُ الْإِجْمَالَ، وَالْإِجْمَالُ يُوجِبُ التَّوَقُّفَ، وَذَلِكَ خِلَافُ مَا قُلْت قُلْت: هَذَا صَحِيحٌ إذَا لَمْ يَكُنْ تَعَلُّقُ الْمُبَيَّنِ مِنْ وَجْهٍ كَمَا لَوْ قَالَ: ائْتِنِي بِعَيْنٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُبَيَّنًا مِنْ وَجْهٍ كَالنَّهْيِ عَنْ الْقَزْعِ مَثَلًا، وَكَانَ الِامْتِثَالُ مُمْكِنًا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْخُرُوجُ عَنْ الْعُهْدَةِ فِي التَّكْلِيفِ الْمُبَيَّنِ، وَذَلِكَ مُمْكِنٌ بِالْعَمَلِ فِي الْأَمْرَيْنِ، وَصَارَ هَذَا كَقَوْلِ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ فِي الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ أَنَّهُ يُخْتَنُ فِي فَرْجَيْهِ مَعًا.

وَالْخِتَانُ إنَّمَا هُوَ فِي فَرْجٍ، فَأَحَدُ الْفَرْجَيْنِ خَتْنُهُ، وَالْآخَرُ خَتْنُهُ وَلَمَّا كَانَ وُجُوبُ الْخِتَانِ أَمْرًا مُبِينًا لَا إجْمَالَ فِيهِ وَالْخُرُوجُ عَنْ الْعُهْدَةِ مُمْكِنٌ بِالْخِتَانِ فِيهِمَا أَوْجَبُوهُ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير