تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

التَّنْبِيهُ الثَّانِي إنَّ الْخِلَافَ فِي حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعَانِيهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْكُلِّيِّ الْعَدَدِيِّ أَيْ فِي كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَجْعَلَهُ يَدُلُّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ بِالْمُطَابَقَةِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَى الْآخَرِ بِهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْكُلِّيُّ الْمَجْمُوعَ أَيْ بِجَعْلِ مَجْمُوعِ الْمَعْنَيَيْنِ مَدْلُولًا مُطَابِقًا كَدَلَالَةِ الْخَمْسَةِ عَلَى آحَادِهَا، وَلَا الْكُلِّيِّ الْبَدَلِيِّ أَيْ: بِجَعْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مَدْلُولًا مُطَابِقًا عَلَى الْبَدَلِ.

ذَكَرَهُ صَاحِبُ " التَّحْصِيلِ ".

وَكَذَا قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي " شَرْحِ الْبَزْدَوِيُّ ": إنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا أُرِيدَ بِالْمُشْتَرَكِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مَعْنَيَيْهِ، وَأَمَّا إرَادَةُ الْمَجْمُوعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ فَلَا نِزَاعَ فِيهِ، لِأَنَّهُ يُصَيِّرُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ جُزْءًا لِمَعْنًى بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ يُصَيِّرُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هُوَ الْمَعْنَى بِتَمَامِهِ.

وَقَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي " شَرْحِ الْمَحْصُولِ ": إنَّهُ رَآهُ فِي تَصْنِيفٍ آخَرَ لِصَاحِبِ " التَّحْصِيلِ " أَنَّ الْأَظْهَرَ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْكُلِّيِّ الْمَجْمُوعُ، فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كَالْعَامِّ التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ جَعَلَ النَّقْشَوَانِيُّ فِي " التَّلْخِيصِ " مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ الْمُعَرَّفِ.

قَالَ: فَأَمَّا الْمُفْرَدُ الْمُنَكَّرُ إذَا لَمْ يُكَرَّرُ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِمَا سَوَاءٌ كَانَ مُثْبَتًا أَوْ مَنْفِيًّا، لِأَنَّ التَّنْكِيرَ يَقْتَضِي التَّوْحِيدَ، فَإِنْ تَكَرَّرَ بِقَوْلِهِ: اعْتَدِّي قُرْءًا وَقُرْءًا فَقَدْ جَوَّزَ اسْتِعْمَالَهُ فِيهِمَا حَقِيقَةً، وَإِنْ كَانَ مُفْرَدًا مُعَرَّفًا " بِأَلْ " مُكَرَّرًا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ وَكَانَتْ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَحَدِهِمَا بِخُصُوصٍ وَجَبَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْقَرِينَةُ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ فَهُوَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ، الشَّافِعِيُّ يُوجِبُ الْحَمْلَ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا فِي هَذَا الْوَقْتِ.

قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ: وَجَعْلُهُ مَوْضِعَ الْخِلَافِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الْعَمَلِ مَمْنُوعٌ بَلْ نَقُولُ: جَوَازُ الْخِطَابِ بِاللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ الْمُشْتَرَكَ هَلْ يُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى جَمِيعِ مَعَانِيهِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قُلْنَا بِالْحَمْلِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْبَيَانِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْمَنْعِ فَلَا يَجُوزُ وُرُودُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ.

التَّنْبِيهُ الرَّابِعُ.

إذَا قُلْنَا بِالْحَمْلِ فَهَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الْعُمُومِ أَوْ الِاحْتِيَاطِ؟ فِيهِ طَرِيقَتَانِ: إحْدَاهُمَا: وَعَلَيْهَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ وَالْغَزَالِيُّ وَالْآمِدِيَّ وَابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّهُ كَالْعَامِّ، وَأَنَّ نِسْبَةَ الْمُشْتَرَكِ إلَى جَمِيعِ مَعَانِيهِ كَنِسْبَةِ الْعَامِّ إلَى أَفْرَادِهِ، وَالْعَامُّ إذَا تَجَرَّدَ عَنْ الْقَرَائِنِ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الْجَمِيعِ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ فَكَذَا الْمُشْتَرَكُ، وَضَعَّفَهُ النَّقْشَوَانِيُّ، لِأَنَّهُ يُصَيِّرُ اللَّفْظَ حِينَئِذٍ مُتَوَاطِئًا لَا مُشْتَرَكًا.

قَالَ: وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْأَئِمَّةَ لَمْ يُرِيدُوا الْعُمُومَ، وَأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ جِهَةِ النَّاقِلِ عَنْهُمْ لَمَّا رَأَى

فِي كُتُبِهِمْ حَمْلَ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ ظَنَّ أَنَّهُمْ أَلْحَقُوهُ بِالْعَامِّ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَفْرَادِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير