قَصْدَ الْمُتَكَلِّمِ وَالْإِرَادَةَ، فَإِنَّهُ بِالْقَصْدِ وَالْإِرَادَةِ كَانَ هَذَا الْمَعْنَى وَهَذَا اللَّفْظُ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى لِأَنَّ
اللَّفْظَ صَارَ كَذَلِكَ بِذَاتِهِ أَوْ بِطَبْعِهِ لَكِنْ تَنَازَعَ النَّاسُ، هَلْ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى مُنَاسَبَةٌ لِأَجْلِهَا خَصَّصَ الْوَاضِعُونَ هَذَا اللَّفْظَ بِهَذَا الْمَعْنَى عَلَى قَوْلَيْنِ: أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ وَلَيْسَتْ مُوجِبَةً بِالطَّبْعِ حَتَّى يُقَالَ فَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأُمَمِ بَلْ هِيَ مُنَاسَبَةٌ دَاعِيَةٌ وَالْمُنَاسَبَةُ تَتَنَوَّعُ بِتَنَوُّعِ الْأُمَمِ كَتَنَوُّعِ الْأَفْعَالِ الْإِرَادِيَّةِ. وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ بِالطَّبْعِ فَطِبَاعُ الْأُمَمِ تَخْتَلِفُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ طَبْعُهُمْ الِاخْتِيَارِيُّ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا الْمَثَلَ الَّذِي ضَرَبُوهُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ عَمَّا قَصَدُوهُ إذْ مَا ذَكَرُوهُ هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى مَعَانٍ وَهَذَا لَا نِزَاعَ فِيهِ، وَمَقْصُودُهُمْ أَنَّ الْمَعَانِيَ الَّتِي هِيَ فِي نَفْسِهَا لِكُلِّ مَعْنًى حَقِيقَةٌ هَلْ هِيَ فِي نَفْسِهَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ بِقَصْدِ وَاضِعٍ وَلَا إرَادَتِهِ وَلَا وَضْعِهِ، وَالْإِمْكَانُ هُنَا لَيْسَ هُوَ إمْكَانُ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا هَذَا بَلْ الْمَسْئُولُ عَنْهُ الْإِمْكَانُ الذِّهْنِيُّ وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ يُمْكِنُ فِي الْعَقْلِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الْمَعْقُولُ مِنْ صِيَغِ الْأَمْرِ هُوَ الْمَعْنَى الْمَعْقُولُ مِنْ صِيَغِ الْخَبَرِ. وَأَنْ يَكُونَ نَفْسُ مَا يَقُومُ بِالنَّفْسِ مِنْ الْأَمْرِ بِهَذَا الْخَبَرِ عَنْهُ هُوَ بِعَيْنِهِ مَا يَقُومُ بِالنَّفْسِ مِنْ الْأَمْرِ بِغَيْرِهِ وَالْخَبَرِ عَنْهُ. الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالسِّتُّونَ: أَنْ يُقَالَ هُوَ قَالَ إذَا كَانَ الْبَارِي عَالِمًا بِالْعِلْمِ الْوَاحِدِ بِجُمْلَةِ الْمَعْلُومَاتِ غَيْرِ الْمُتَنَاهِيَةِ، فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُخْبِرًا بِالْخَبَرِ الْوَاحِدِ عَنْ الْمُخْبَرَاتِ غَيْرِ الْمُتَنَاهِيَاتِ. فَيُقَالُ لَهُ: هَبْ أَنَّ هَذَا ثَبَتَ فِي كَوْنِ الْخَبَرِ وَاحِدًا فَلِمَ قُلْت إنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ خَبَرُهُ عَنْ الْمُخْبَرَاتِ غَيْرِ الْمُتَنَاهِيَةِ هُوَ بِعَيْنِهِ الْأَمْرُ بِالْمَأْمُورَاتِ وَالتَّكْوِينِ لِلْمُكَوِّنَاتِ غَيْرِ الْمُتَنَاهِيَةِ، فَهَبْ أَنَّ الْخَبَرَ يُقَاسُ بِالْعِلْمِ، فَهَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ هُوَ نَفْسَ الْأَمْرِ؟.)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[05 - 12 - 07, 09:44 ص]ـ
قال أبو العباس النميري
(الرَّابِعُ: لَوْ فُرِضَ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ فِي مَعْنَيَيْهِ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَنْعَ ذَلِكَ هُوَ الْحَقُّ؛ بَلْ لَيْسَ ذَلِكَ مَذْهَبَ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمُعْتَبَرِينَ؛ وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ. وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَعَامَّةِ الْفُقَهَاءِ وَعَامَّةِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَأَكْثَرِ الْمُتَكَلِّمِينَ لِجَوَازِ ذَلِكَ، فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَا يَعْتَقِدُ هُوَ صِحَّتَهُ وَيُنَاظِرُ عَلَيْهِ؟)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[05 - 12 - 07, 09:47 ص]ـ
قال الشنقيطي في أضواء البيان
(وقال بعض العلماء: المراد بمسح الرجلين غسلهما. والعرب تطلق المسح على الغسل أيضاً، وتقول تمسَّحت بمعنى توضأت ومسح المطر الأرض أي غسلها، ومسح الله ما بك أي غسل عنك الذنوب والأذى. ولا مانع من كون المراد بالمسح في الأرجل هو الغسل، المراد به في الرأس المسح الذي ليس بغسل، وليس من حمل المشترك على معنييه، ولا عن حمل اللفظ على حقيقته ومجازه، لأنهما مسألتان كل منهما منفردة عن الأخرى مع أن التحقيق جواز حمل المشترك على معنييه، كما حققه الشيخ تقي الدين أبو العباس بن تيمية - رحمه الله - في رسالته في علوم القرآن، وحرر أنه هو الصحيح في مذاهب الأئمة الأربعة رحمهم الله)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[05 - 12 - 07, 09:51 ص]ـ
قال الشنيقيطي في أضواء البيان
(قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: هذه الآية الكريمة من أصعب الآيات تحقيقاً، لأن حمل النكاح فيها على التزويج، لا يلائم ذكر المشركة والمشرك، وحمل النكاح فيها على الوطء لا يلائم الأحاديث الواردة المتعلقة بالآية، فإنها تعين أن المراد بالنكاح في الآية: التزويج: ولا أعلم مخرجاً واضحاً من الإشكال في هذه الآية إلا مع بعض تعسف، وهو أن أصح الأقوال عند الأصوليين كما حرره أبو العباس بن تيمية رحمه الله في رسالته في علوم القرآن، وعزاه لأجلاء علماء المذاهب الأربعة هو جواز حمل المشترك على معنييه، أو معانيه، فيجوز أن تقول: عدا اللصوص البارحة على عين زيد، وتعني بذلك أنهم عوروا عينه الباصرة وغوروا عينه الجارية. وسرقوا عينه التي هي أو فضته.
وإذا علمت ذلك فاعلم أن النكاح مشترك بين الوطء والتزويج، خلافاً لمن زعم أنه حقيقة في أحدهما، مجاز في الآخر كما أشرنا له سابقاً، وإذا جاز حمل المشترك على معنيه، فيحمل النكاح في الآية على الوطء، وعلى التزويج معاً، ويكون ذكر المشركة والمشرك على تفسير النكاح بالوطء دون العقد، وهذا هو نوع التعسف الذي أشرنا له، والعلم عند الله تعالى.
وأكثر أهل العلم على إباحة تزويج الزانية والمانعون لذلك أقل وقد عرفت أدلة الجميع.
)
¥