تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الناظم رحمه الله:

(والعقل عمدة في الاقتضاء=وقد يُرى في الشرع في أشياء)

(وبرفع عن امتي الخطا ولا=صلاة إلا بطهور مُثلا)

يعني أن العقل يُعتمد عليه في معرفة المقتضى المحذوف الذي يتعين تقيدره لصحة الكلام أوصدقه عقلا كما أن الشرع يُعتمد عليه في معرفة المقتضي المحذوف الذي يتوقف عليه صدق الكلام اوصحته شرعا

ومثل لدلالة العقل على المقتضي المحذوف بحديث (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) (أخرجه الطحاوي في شرح المعاني3/ 95و وابن ماجه في السنن (1/ 659) الحاكم في المستدرك (2/ 198والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 356) عن ابن عباس وأخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 573) من حديث أبي بكرة قال في القاصد الحسنةص371:ومجموع هذه الطرق يُظهر أن للحديث أصلا"وصححه ابن حزم في الإحكام (5/ 149) وحسنه النووي في الأربعين)

فإن صدق هذا الخبر عقلا متوقف على مضمر مقدرتقديره رفع الإثم أو المؤاخذةلأن الواقع قد دل على وقوع الخطإ والنسيان والاستكراه من هذه الأمة ورفع الواقع محال.

وقد يُقال إن المقتضي هنا دل على حذفه العقل والشرع معا،فإن صدق هذا الخبر متوقف شرعا على إضمار هذا المحذوف لإجماع أهل العلم أنه لا يسقط الضمان في الخطإ والنسيان.

ومثل الناظم _رحمه الله-لدلالة الشرع على المقتضي المحذوف بحديث (لا يقبل الله صلاة بغير طهور) (روا مسلم ح (224) عن ابن عمر)

فإن الصلاة يمكن أن تقع في الواقع تامة دون أن يسبقها طهور ولكن صدق ذلك شرعا متوقف على تقدير مضمر هو الصحة فلا صلاة صحيحة شرعا إلا بطهور

وقد مثل في التقريب (ص87) للنوعين فقال: (كقوله تعالى: {فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحرفانفل} ق (الشعراء 63) تقديره فضرب فانفلق، ومثله {فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر} (البقرة185) تقديره إن أفطر في المرض أو السفر).

ويمكن أن يمثل أيضا لدلالة الاقتضاء بما ورد في قوله تعالى {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} (البقرة 196) تقديره إن حلق رأسه ففدية لما دل عليه حديث كعب ابن عجرة في صحيحي البخاري (ح1814) ومسلم (ح1201) في سبب نزول الآية

وقول الناظم (رفع عن أمتي) هوبادغام العين المفتوحة من (رفع) في العين المفتوحة من (عن) وهذا هو الادغام الكبير وقد قرأ به السوسي

وليس من عادة الناظم في هذا النظم اللجوء إلى الضرورة أو إلى غير الشائع من اللغات بل إن المواضع التي ألجأه النظم فيها إلى خلاف الشائع لا تبلغ خمسة مواضع، وسأنبه على كل منها في موضعه _إن شاء الله_

ويمكن أن يمثل لدلالة الاقتضاء بقوله تعالى {واسأل القرية} (يوسف82) لتوقف الصدق عقلا على مقدر محذوف هو (أهل).

قال الناظم رحمه الله:

ومنه ما يكون بالتصريح=مع قصده ومنه بالتلويح

فأول كمقتضى التحليل=ومقتضى التحريم في التنزيل

والثان مثل فاقطعوا أو فاجلدوا=في الفهم للتعليل حيث يرد

ومثله ما جاء في الترغيب=والمدح أو في الذم والترهيب

وذاك ما يُقصد بالعباره = .......................................

يعني أن الاقتضاء بمعناه اللغوي _وهو أعم من معناه الاصطلاحي نوعان أحدهما صريح ومثل له الناظم بمقتضي التحريم في قوله تعالى {حرمت عليكم أمهتكم (النساء23)} فالمقتضي المحذوف هو النكاح

وبقوله تعالى {حُرمت عليكم الميتة (المائدة3)} فالمقتضي المحذوف أكلها

وذلك لدلالة العقل على أن الأعيان لا توصف بالحرمة ولا الإباحة وإنما يُنسب ذلك إلى ما يعرض لها وهذا القسم من الاقتضاء مقصود أصالة للمتكلم.

والثاني من نوعي الاقتضاء بمعناه العام اقتضاء غير صريح

وهو نوعان أحدهما مقصود للمتكلم أصالة والثاني غير مقصود

فأما الأول فهو أن يقترن بالحكم وصف مناسب لأن يكون سببا وباعثا ومقتضيا له بحيث لو لم يُجعل ذلك الوصف علة لذلك الحكم لكان الكلام معيبا عند العقلاء وهذا النوع من الاقتضاء هو المسمى بدلالة الإيماء والتنبيه وهو مسلك من مسالك العلة _وسوف نعرض للمزيد من تفصيله في ذلك الموضع من باب القياس-

ومثل له الناظم _رحمه الله_بقوله تعالى {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} فقد اقترن بالحكم وهو القطع وصف مناسب لتشريع هذه العقوبة

وهو السرقة فإذا لم تكن السرقة هي مقتضي هذه العقوبة وسببها وعلتها لكان نظام الكلام مختلا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير