القسم الثالث: تخير الأحكام للعمل بها في مسألة واحدة وهذا هو ما سبق ذكره في الصورة الثالثة وهو أكثر ما ينصب عليه الخلاف في الحقيقة بين العلماء.
إذا تبين ما سبق فما حكم التلفيق عموماً؟ اختلف في هذا على قولين:
القول الأول: المنع مطلقاً حتى صرح بعضهم بان من شروط التقليد ترك التلفيق وهذا هو قول إمام الحرمين والسفاريني. مغيث الخلق (ص 13) التحقيق في بطلان التلفيق (ص 171)
واحتج هؤلاء بأن القول بجوازه يؤدي إلى الخبط والخروج عن الضبط بحيث لا تستقر التكاليف كما يؤدي إلى فتح باب الحرام وإفساد نظام الشرع وكل ما أدى إلى حرام فهو حرام.
القول الثاني: الجواز مطلقاً وهو قول الجمهور واختاره ابن الهمام وابن نجيم كما في رسالته في البيع بغبن فاحش، وابن عابدين والقرافي والعلائي ومرعي الحنبلي والشيخ المعلمي والشيخ مصطفى الاسيوطي والشيخ حسن الشطي ويمكن أن ينسب هذا القول لشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم.
وهذه الشروط هي:
1 - أن لا يكون الملفق قاصداً تتبع الرخص لأن هذا ممنوع بالإجماع كما ذكر ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2/ 91) وابن الصلاح في آداب المفتي (ص 125) وابن حزم في مراتب الإجماع (ص 87) والشاطبي في الموافقات (4/ 140)
2 - أن لا يترتب على التلفيق تركيب قول متفق على بطلانه.
3 - عدم ارجوع فيما عمل به تقليداً.
4 - أن يعتقد رجحان ذلك القول الذي ينتقل إليه لقوة دليله فيكون عمله بالتلفيق حينئذ لوجود قول راجح، وبعضهم رد هذا الشرط لعدم قدرة المقلد على معرفة الراجح من المرجوح لعدم وجود الآلة لديه والتي هي العلم.
5 - أن لا يؤدي العمل بالتلفيق إلى نقض حكم القضاء؛ لأن ذلك يؤدي إلى اضطراب القضاء وعدم استقراره.
واشترط بعضهم وجود دواعي الضرورة له والكثر لم يشترطه
واحتج هؤلاء بما يلي:
أ - فعل الصحابة رضي الله عنهم حيث كان المستفتي يسأل المجتهد في مسألة ثم يستفتي غيره في مسألة أخرى ولم ينكر ذلك أحد وهذا هو حقيقة التلفيق في التقليد، كما انه لم ينقل عن الصحابة والتابعين أنه ألزموا أحداً بأخذ مذهب مجتهدٍ في جميع أقواله حتى لا يقع في التلفيق.
ب - أن القول بمنعه يلزم منه لوزم باطلة مثل:
1 / ذهاب فائدة التقليد.
2 / ان هذا ينقض ما تقرر من كون جميع الأئمة على هدى فيما يجتهدون فيه إذا سلكوا مسلك الاجتهاد الصحيح وينقض كون الاختلاف رحمة.
3 / أن هذا ينافي يسر الشريعة.
4 / ان هذا سؤدي إلى إفساد عبادات العامة ومعاملاتهم ..
ج - أنه لا يوجد ما يمنع منه عقلاً ولا شرعاً فالأصل جوزاه.
ولعل هذا االقول هو الراجح
ينظر: عمدة التحقيق (ص 98، 105) التحقيق في بطلان التوفيق (ص 160، 169) التنكيل للمعلمي (2/ 384)
ثالثاً: التلفيق في الاجتهاد:
ويندرج في هذا النوع مسألتان مشهورتان عند الأصوليين وهما:
1 - إذا اختلف اهل عصر على قولين فهل يجوز لمن جاء بعدهم أن يحدث قولاً ثالثاً في المسألة؟
2 - إذا اختلف أهل عصر على قولين فهل يجوز لمن جاء بعدهم أن يتفقوا على أحد القولين؟
وهما مسألتان مشهورتان تكلم فيهما الأصوليون بالتفصيل وليس هذا موضع الكلام عليهما وسيأتي الكلام عنهما في بحث الإجماع إن شاء الله تعالى.
ـ[فريد البيدق]ــــــــ[09 - 12 - 07, 09:26 ص]ـ
الكريم "محمد"، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،
نفعك الله، وعلمك!
ـ[فريد البيدق]ــــــــ[09 - 12 - 07, 09:28 ص]ـ
الكريم "أبو حازم"، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،
أدام الله ثراءك أيها الحبيب، ونفع به!