- سعة أصوله وكثرة قواعده: فهو قائم على أصول نقلية وعقلية، وأخرى ترجع إلى الأعراف والعادات، أصول وقواعد تتصف –في نسقها العام- بالسعة والمرونة، مما جعلها تضمن لهذا المذهب صلاحية دائمة على استيعاب التطورات واحتواء المستجدات. فقيام المذهب المالكي على إجماع أهل المدينة وفقههم، وامتزاج ذلك بأصول عقلية في غاية من الدقة والمرونة كاعتماد المصالح المرسلة والاستحسان في الاجتهاد الفقهي، كل ذلك أضفى على المذهب صفة الاعتدال والتوسط، ما بين العقل والنقل، بين الشرع والواقع. لذلك كثيرا ما تجده يتوسط في المسألة بين مذهبين متقابلين.
- ثم إن كثرة أتباع المذهب المالكي، وكثرة التصنيف فيه تأصيلا وتفريعا، وبلوغ هؤلاء مرتبة متقدمة في الاجتهاد والاستنباط والتخريج دليل واضح على جدارة هذا المذهب واستحقاقه بأن يكون محلا للاتباع والتقليد.
ثم إن هذه الخصائص الموضوعية التي تميز بها المذهب المالكي سمحت لهذا الأخير أن تكون له تطبيقات واسعة على أرضية الواقع لبث الحلول للنوازل والأقضية، فكثرت التطبيقات الواقعية للمذهب المالكي إن على مستوى الإفتاء والقضاء، أو على مستوى التأصيل والتقعيد، فمنحت المذهب قيمة عملية وعلمية في غاية من الأهمية، وأثبت جدارته وقدرته على استيعاب القضايا والمستجدات .. فكانت هذه التطبيقات العملية محكا حقيقيا لاختبار إمكانية المذهب في ملاحقة المستجدات والتكيف معها.
رابعا: الأسباب التي ترجع إلى النقل في انتشار المذهب المالكي ورسوخه في ربوع المغرب (1)
فإضافة إلى أسباب انتشار المذهب المالكي في المغرب، سواء منها ما يرجع إلى الإمام مالك وشخصيته، أو ما يرجع إلى خصائص مذهبه وأصوله؛ وغير ذلك من الأسباب التي ترجع إلى العقل والتجربة، ترد أسباب أخرى انفرد بها المذهب المالكي دون سائر المذاهب الأخرى، ويتجلى ذلك اعتقاد المغاربة بورود آثار تنبئ بصاحب هذا المذهب ومكانته .. وهذا السبب شجع المغاربة على التشبث بهذا المذهب وتفضيله على ما سواه من المذاهب (2).
منزلة المذهب المالكي من بين المذاهب الأخرى
مما سلف نستشف أن للمذهب المالكي فضائل ومزايا راجعة إما إلى شخصية صاحب هذا المذهب نفسه، وإما إلى البيئة النقية التي نشأ فيها ومكث فيها طول حياته ولم يخرج منها. إضافة إلى خصائص هذا المذهب المنهجية.
فقد مزج المذهب المالكي في أصوله بين ما هو نقلي وبين ما هو شرعي مراعيا في ذلك مقاصد الشريعة وما تعارف الناس عليه في معاملاتهم وشؤون حياتهم مما لا يتعارض مع النصوص الصريحة.
وجدير بالذكر أن المذهب المالكي نال عناية واهتماما كبيرين من المستشرقين والأوربيين بصفة عامة، فدرسوه ونشروا كتبه ورسائله على أوسع نطاق، وتتبعوا فروع فقهه في مسائل متعددة (3). كما استفادت من هذا المذهب أغلب القوانين العربية في تشريعاتها المدنية، وتعديلاتها التنظيمية.
بعض المصنفات التي تحدثت عن أسباب دخول المذهب المالكي إلى المغرب الإسلامي
- الاستقصا للناصري 1/ 136
- الانتقاء، لابن عبد البرص621
- التمهيد، لابن عبد البر1م35
- رياض النفوس، للمالكي ص10
- جذوة الاقتباس، لابن القاضي، ص 109
- نيل الابتهاج، للسوداني، ص 191
- المعيار، للونشريسي 6/ 356
- تاريخ ابن الفرضي، ص 139
- نفح الطيب، للمقري 1،/230، ج2/ 218
- مقدمة ابن خلدون
- البيان المغرب، للمراكشي1/ 56 - 223.
الهوامش:
(1) - راجع في هذا العامل كتاب: "المغرب مالكي ... لماذا؟ " د. محمد الروكي. منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، 1424هـ/2003م.
(2) - المرجع نفسه، ص 61 وما بعدها
(3) - انظر في ذلك "المستشرقون" (ثلاثة أجزاء) لنجيب العفيفي، دار المعارف بمصر، و"موسوعة المستشرقين" للدكتور عبد الرحمن بدوي، دار العلم للملايين.
http://www.islam-maroc.gov.ma/ar/detail.aspx?id=1792&z=26&s=13
ـ[أبو حاتم يوسف حميتو المالكي]ــــــــ[09 - 12 - 07, 12:38 ص]ـ
خصائص المذهب المالكي للدكتور محمد التاويل.
ـ[أبو حاتم يوسف حميتو المالكي]ــــــــ[09 - 12 - 07, 12:43 ص]ـ
http://www.chihab.net/images/logo.jpg
الخريطة الفقهية في العالم الإسلامي
التاريخ: 30 - 4 - 1424 هـ
الموضوع: دراسات
مقدمة حول أسباب انتشار المذهب المالكي في المغرب الإسلامي
بقلم: الطاهر نابي
¥