ويظهر الاستدلال جليا في كتاب شرح التلقين للمازري وهو كتاب يمتاز بدقة التحرير وعدم الاقتصار على مجرد نقل النصوص بل يذكر مع ذلك الأدلة من الكتاب والسنة ([87] ( http://www.ulum.nl/c58.html#_edn87))، وكتاب مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل على كشف أسرار المدونة لعلي بن سعيد الرجراجي وهو من أروع ما ألف المغاربة في الفقه المقارن المستند إلى الأدلة ([88] ( http://www.ulum.nl/c58.html#_edn88)).
إلاّ أنّنا لا نبرئ ساحة هذه المدرسة من انتهاجها المسلك التجريدي لاسيما في المرحلة التي طغت فيها كتب المختصرات التي لا تتسع بحكم طبيعتها لسرد الأدلة ويسعى أصحابها لإعطاء الأحكام الفقهية المجردة كمختصر سيدي خليل ورسالة ابن أبي زيد القيرواني والعشموية والمرشد المعين وغيرهم من كتب المختصرات، والتي كانت نصوصها أشبه بالنصوص القانونية المجردة حتى كأنّك لا تكاد تميز بينها وبين أي تأليف في غير فنون الشريعة الإسلامية.
إلاّ أنّ الأمر انبرى له من المتأخرين من أرجعوا لهذه النصوص روحها وأحيوها بعد موات حيث رجعوا للجمع بين علم الفقه ورواية الحديث، ومن أمثال هؤلاء المرحوم محمد المدني بلحسني الذي تصدى لشرح خليل والمرشد المعين بالدليل ([89] ( http://www.ulum.nl/c58.html#_edn89))، والحافظ المحدث أحمد بن الصديق الغماري الذي شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني بشرح مطول خرّج فيه ما اشتملت عليه من الفروع الفقهية بإيراد الأحاديث الواردة في كل مسألة سمّاه تخريج الدلائل لما في رسالة القيرواني من الفروع والمسائل ([90] ( http://www.ulum.nl/c58.html#_edn90))، وغيرها كثير بما لا يتسع المقام لذكره.
وهكذا يتضح أنّ فقه مدرسة الغرب الإسلامي فقه له أدلته، وإلاّ لما استطاع هؤلاء أن يردوا المسائل إلى أصولها وأن يؤصلوا للفروع عل اختلافها وتنوعها.
هذه بعض خصائص مدرسة الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى بالغرب الإسلامي وليست كلها، فهي تمثل إضاءات لما احتواه المذهب من ذخائر وكنوز ظلت على مدى السنون تزوده بما ضمن استمراره وبقاءه.
الهوامش والمراجع:
[1] ( http://www.ulum.nl/c58.html#_ftnref1) خلواتي صحراوي، من مواليد الخامس من شهر أفريل سنة 1966 بالمشرية ولاية النعامة الجزائر، نال شهادة البكالوريا دورة جوان 1985، والليسانس من جامعة الأميرعبد القادرقسنطينة دورة جوان 1989، وشهادة الكفاءة الأستاذية سنة 1990. درّس الشريعة الإسلامية بالثانوية من سنة 1989 إلى غاية سنة 1997. أنتخب عضوا في المجلس الشعبي الوطني الجزائري، عضو في لجنة الشؤون الإقتصادية والتنمية والتجارة سنة 1997 - 1999. متحصل على شهادة الماجستير في الشريعة الإسلامية من جامعة بيروت الإسلامية مارس 2002 كلية دار الفتوى. وشهادة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية من جامعة بيروت الإسلامية ديسمير 2006 بتقدير جيد جدا كلية دار الفتوى "تحقيق مختصر النهاية والتمام في معرفة الوثائق والأحكام". أستاذ مشارك في المركز الجامعي مولاي الطاهر بولاية سعيدة 2003 - 2004. أستاذ مساعد بالمركز الجامعي مولاي الطاهر كلية الأداب والعلوم الإنسانية 2005. أستاذ محاضر بالمركز الجامعي مولاي الطاهر كلية الحقوق والعلوم الإدارية. شارك في عدة مؤتمرات وطنية ودولية. e-mail: [email protected] ([email protected])
([1]) كشف الظنون حاجي خليفة، دار الفكر بيروت ج1/ 4883.
([2]) انظرالمعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء افريقية والأندلس والمغرب لأحمد بن يحيى الونشريسي، تحقيق محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، تاريخ النشر 1981م، ج12/ 26.
وانظر تطور المذهب المالكي في المغرب الإسلامي حتى نهاية العصر المرابطي لمحمد بن حسن الشرحبيلي، مطبعة فضالة، المغرب، الطبعة الأولى، سنة النشر 2000م، صفحة 188.
([3]) انظر دراسات في مصادر الفقه المالكي لميكلوش موراني، دار الغرب الإسلامي بيروت، الطبعة الأولى، سنة النشر1988م صفحة 164.
([4]) انظر اصطلاح المذهب عند المالكية لمحمد إبراهيم علي، دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث، دبي الإمارات العربية، الطبعة الثانية، سنة النشر 2002م، صفحة 307.
¥