تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أمّا المستخرجة فقد نالت حظها من الاختصار أكثر ما حظيت به من الشرح، ومن أهم مختصيريها فضل بن سلمة الجهني، ويحي بن عمر الكناني، وإبراهيم بن شنظير، ومحمد بن عبد السلام سحنون، وبن أبي زيد القيرواني وغيرهم ([79] ( http://www.ulum.nl/c58.html#_edn79)).

ولمّا أدخلت الموازية بلاد الغرب الإسلامي من طرف درّاس بن إسماعيل الفاسي تلقفتها أيدي العلماء بالتهذيب والاختصار، وكان أول من اختصرها فضل بن سلمة الجهني كما جمع بينها وبين العتبية في كتاب واحد ([80] ( http://www.ulum.nl/c58.html#_edn80)).

ورغم اختصار هؤلاء لأمهات الكتب إلاّ أنّ كتبهم كانت تفي بالغرض وتستجيب للطلب وتتوافق مع النية التي دفعت لهذا العمل، فقد جاءت على قلة عباراتها واضحة تهدي إلى الهدف وتوصل إلى الغرض.

ولكن خلف من بعد هؤلاء من عقّد الفقه باختصاره وصعّب فهمه وإدراكه ممّا صعّب فهمهما وعسرّ فقهها مما اضطر النّاس معها على الاستعانة على فهمها بكثرة الشروح والحواشي، وهكذا وجد الفقه نفسه في دائرة مغلقة يعسر الخروج منها فمن بسط إلى اختصار إلى اختصار الاختصار ثم إلى شرح الاختصار ثم إلى وضع الحواشي على الشروح، والنتيجة كما قال القباب نصل إلى كتب لا يفهمها المبتدئ ولا يحتاج إليها المنتهي ([81] ( http://www.ulum.nl/c58.html#_edn81)).

وقد كان الشاطبي لا يعتمد على كتب المتأخرين المختصرة ويحث على الرجوع للأصول والمؤلفات القديمة حيث يقول "فلذلك صارت كتب المتقدمين وكلامهم وسيرهم أنفع لمن أراد الأخذ بالاحتياط في العلم على أي نوع كان وخصوصا علم الشريعة التي هي العروة الوثقى والوزر الأحمى" ([82] ( http://www.ulum.nl/c58.html#_edn82)).

10. علم الرواية والدراية:

لا نختلف أنّ المنهج الذي سلكه مالك وأسّسه لمذهبه يقوم على الدراية والرواية أي الحديث والفقه، وهذه الازدواجية ظلت على مدى الأزمان تمنح المذهب قوته وتعزز مصداقيته عند أتباعه في جميع الأقطار والعصور وعلى هذا الدرب صار علماء المدرسة المغربية، حيث كانوا يروون الحديث ويستخرجون منه الفقه، أي كانوا محدثين وفقهاء ويظهر هذا جليا في كتب كثير ممّن تشرفت هذه المدرسة بانتسابهم إليها وانتمائهم لأصولها أمثال ابن عبد البر من خلال كتبه الاستذكار والتمهيد والكافي، ومن خلال كتاب المنتقى للباجي وغيرهما، وقد صرّح ابن عبد البر بهذه الازدواجية وهو يتحدث عن كتابه التمهيد حيث يقول "إن الهدف منه هو تخريج ما في الأخبار من المعاني والفقه" ([83] ( http://www.ulum.nl/c58.html#_edn83)).

والمتتبع للأمهات يجدها تستند في الكثير من مسائلها إلى الدليل اللهمّ إلاّ في بعض المسائل التي يعسر الاستدلال لها، وربما لأجل هذا رُمي الفقه المالكي بأنّه فقه غير مؤصل تحكى فيه المسائل مجردة من الدليل ويُستند فيها إلى أقوال الرجال بدل الاستناد إلى النصوص من الكتاب والسنة، والذي يجب أن يعلم أنّ المسائل الفقهية يعسر فيها تقييد الدليل لكل جزئية من جزئيتها، ذلك لأنّ النصوص متناهية أمّا الوقائع والنوازل فغير متناهية وهذا ما أشار إليه بن خلدون في مقدمته حيث قال "إن الوقائع المتجددة لا توفي بها النصوص، وما كان فيها غير ظاهر في النصوص فيحمل على المنصوص لمشابهة بينهما" ([84] ( http://www.ulum.nl/c58.html#_edn84))، ويقول الشهرستاني "إنّ الحوادث والوقائع في العبادات والتصرفات لا يقبل الحصر والعد، ونعلم قطعا أيضا أنّه لم يرد في كل حادثة نص ولا يتصور أيضا ذلك، والنصوص إذا كانت متناهية والوقائع غير متناهية وما لا يتناهى لا يضبطه ما يتناهى عُلم قطعا أنّ الاجتهاد والقياس واجب الاعتبار حتى يكون بعدد كل حادثة اجتهاد" ([85] ( http://www.ulum.nl/c58.html#_edn85)).

ومع ذلك لم يُترك الحبل للغارب فيما كتبه المغاربة لغير دليل بل حاولوا جهدهم الاستدلال ما أمكن، ومما يذكر في هذا المجال كتاب التعليق على المدونة لابن الصائغ عبد الحميد القيرواني وهو كتاب يعد من أفيد الكتب في الفقه المالكي حيث كان غالبا ما يذكر في كل كتاب أو باب مستنده من الكتاب والسنة شارحا ومعللا ([86] ( http://www.ulum.nl/c58.html#_edn86)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير