وقد نظم محنض باب ابن اعبيد الديماني هذا المعنى في سلم الوصول فقال:
وما سواه حجة إن ينعدم = موجب ذكره سوى ما قد فهم
لا إن يكن لغالب الأحوال= أو جَهْلٍ أو حادثٍ أو سؤال
ونظم صاحب مراقي السعود بعض ذلك فقال:
كذادليل للخطاب انضافا=ودع إذاالساكت عنه خافا
أو جهل الحكم أو النطق انجلب=للسؤل أو جرى على الذي غلب
أو امتنان أو وفاق الواقع=والجهل والتأكيد عند السامع
ثم شرع الناظم رحمه الله في تعديد أنواع مفهوم المخالفة فقال:
في الشرط والغاية ذا المفهوم قد=جاء وفي استثنا وحصر وعدد
وجاء في العلة والزمان=والوصف والحال وفي المكان
وللذي يلزم حتما اجتُنِب=ممن سوى الدقاق مفهومُ اللقب
ذكر الناظم ر-رحمه الله –في هذه الأبيات عشرة أنواع من مفهوم المخالفة ولم يرتبها تنازليا بحسب قوتها ولا تصاعديا بحسب ضعفها بل نثرها نثرا، وقد فعل نظير ذلك في المهيع.
وقد اختلفت أساليب علماء الأصول في عرض هذه الأنواع:
- فمنهم من جعلها عشرة كما فعل الناظم ومن هؤلاء ابن جزي والقرافي كما في التنقيح.
-ومنهم من جعها عشرة ولم يعد مفهوم الاستثناء _بل أدخله في مفهوم الحصر-وأبدله بمفهوم الحال
ومنهم من جعلها سبعة وأرجع مفهوم الشرط والعدد والعلة إلى مفهوم الصفة بل قال الجويني
في (البرهان1/ 454): (لو عبر معبر عن جميع المفاهيم بالصفة كان ذلك منقدحا) وانظر التحبير (6/ 2904) وانظر قواطع الأدلة للسمعاني (1/ 248)
والسبب الآخر في تفاوتهم في تعداد المفاهيم أن بعض المفاهيم معدود عند بعض العلماء من المنطوق كمفهوم الحصر بالنفي والأستثناء (انظر المذكرة للشنقيطي) أو مفهوم الحصر بإنما (انظر الإشارة للباجي ())
ومفهوم الغاية انظر التقريب للباقلاني () ورفع الحاجب (4/ 7).
ونسوق هذه المفاهيم بحسب ترتيب الناظم مع ذكر مثال كل نوع ومن قال به من أهل العلم ثم نختم
بذكر ترتيبها من حيث القوة ليقدم الأقوى منها عند التعارض.
1 - مفهوم الشرط: والمراد به في هذا الباب الشرط اللغوي –وليس الشرط الشرعي الذي يلزم من عدمه
العدم-وهو ما دخل عليه أحد الحرفين (إن) و (إذا) أو ما يقوم مقامهما مما يدل على سببية الأول ومسببية الثاني (انظر إرشاد الفحول ص307)
وقد أفرده الناظم عن مفهوم الصفة مع دخوله فيه -عند البعض -لأن بعض من لايقول بمفهوم الصفة قال به.
ومثاله قوله تعالى: (ومن لم يستطع منكم طولا ... الآية) (النساء 25) فإنه يدل بمفهومه على تحريم نكاح
الإماء لواجد الطول. وانظر رفع الحاجب (3/ 544)
2 - مفهوم الغاية:
وهو مد الحكم بإلى أو حتى وقال به الجمهور ونص عليه الشافعي واعترف به الغزالي والباقلاني مع إنكارهما لمفهوم الشرط، بل إن القاضي الباقلاني عده من المنطوق انظر التقريب للباقلاني ()
قال في رفع الحاجب (4/ 7): (وإنما حسن إيراده في المفاهيم قول الأكثر إنه مفهوم فسلكنا سبيلهم وأوردناه ولم نهمل جانب من ادعى أنه منطوق وأنه فوق الشرط والصفة)
قال في اللمع (ص44) (وبه قال أكثر من أنكر القول بدليل الخطاب) وانظر التحبير (2935)
ولم يخالف في ذلك إلا طائفة من الحنفية والآمدي (وانظر إرشاد الفحول (ص308)
ومثاله مفهوم قوله تعالى: (حتى تنكح زوجا غيره) أي فإن نكحها غيره حلت.ويمكن أن يمثل له بقوله
تعالى (حتى تغتسلوا) فإن مفهومه إن اغتسلتم فلكم أن تقربوا الصلاة فيحتج به على إجزاء الغسل عن الوضوء (انظر مفتاح الوصول ص (564)
3 - مفهوم الإستثناء: ذكره القرافي في التنقيح وابن جزي في التقريب (ص 88) ومثلوا له بقوله: (قام القوم إلا زيدا) فإثبات القيام للقوم منطوق ونفيه عن زيد مفهوم ولم يذكره عامة الأصوليين في المفاهيم وإن تعرضوا للكلام عليه في باب الاستثناء في مبحث الإستثناء من الإثبات هل هو نفي أم لا؟ وأما مفهوم الاستثناء من النفي فتكلموا عليه في مبحث مفهوم الحصر وسنعرض له في ذلك الموضع –إن شاء الله_و كلام الشنقيطي في المذكرة (ص226) صريح في أن دلالة (إلا) على الاستثناء منطوق _وسيأتي نقله بلفظه –إن شاء الله-فيخرج بذالك عن باب المفهوم ولعل هذا هو سر إهمال من أهمل ذكره في المفاهيم من الأصوليين –ولعل الله ييسر لي بحث ذلك بالتفصيل-
4 - مفهوم الحصر:
قال في تقريب الوصول (ص89): (ومفهوم الحصر نحو: (إنما الولاء لمن أعتق) (متفق عليه من حديث عائشة) وأدوات الحصر أربعة:
-إنما
¥