والشريعة الدين، والمنهاج الطريق، وقيل: الشرعة والمنهاج جميعاً الطريق، والطريق ههنا الدين ... وقال الفراء في قوله تعالى: (ثم جعلناك على شريعة) على دين وملة ومنهاج. وقال الأزهري: معنى شرع؛ أي بيّن وأوضح مأخوذ من شرع الإهاب إذا شق (1).
يقول الكفوي: ((الشرع: البيان والإظهار، والمراد بالشرع المذكور على لسان الفقهاء بيان الأحكام الشرعية. والشريعة: هي مورد الإبل إلى الماء الجاري ثم استعير لكل طريقة موضوعة بوضع إلَهي ثابت من نبي من الأنبياء.
وشرعت لكم في الدين شريعة. وأشرعت باباً إلى الطريق إشراعاً. وشرعت الدواب في الماء تشرع شروعاً .. )) (2).
تعريف الشرع اصطلاحاً:
لقد عرف علماء الفقه الشريعة قديماً وحديثاً بتعاريف مختلفة، نذكر أهمها وأشهرها، ثم نختار ما نراه صحيحاً في نظرنا:
(1) عرفها ابن حزم الظاهري فقال: ((الشريعة هي ما شرعه الله تعالى على لسان نبيه في الديانة، وعلى ألسنة الأنبياء عليهم السلام قبله، والحكم منها للناسخ)) (3).
(2) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: اسم الشريعة والشرع والشرعة فإنه ينتظم كل ما شرعه الله من العقائد والأعمال، وقال أيضاً: فالسنة كالشريعة هي ما سنه وشرعه من العمل، وقد يراد به كلاهما فلفظ السنة يقع على معان ٍ كلفظ الشريعة، ولهذا قال ابن عباس وغيره في قوله تعالى (شرعة ومنهاجاً) سنة وسبيلاً ففسروا الشرعة بالسنة والمنهاج بالسبيل ... والشريعة إنما هي كتاب الله وسنة رسوله وما كان عليه سلف الأمة في العقائد والأحوال والعبادات والأعمال والسياسات والأحكام والولايات والعطيات ... وحقيقة الشريعة: اتباع الرسل والدخول في طاعتهم، كما أن الخروج خروج عن طاعة الرسل، وطاعة الرسل هي دين الله)) (1).
وقال في موضع آخر: ويطلق الشرع في عرف الناس على ثلاثة معانٍ: الشرع المنزل: وهو ما جاء به الرسول وهذا يجب اتباعه، ومن خالفه وجبت عقوبته.
الثاني: الشرع المؤول، وهو آراء العلماء المجتهدين فيها كمذهب مالك ونحوه، فهذا يسوغ اتباعه ولا يجب، ولا يحرم، وليس لأحد أن يلزم عموم الناس به، ولا يمنع عموم الناس منه.
الثالث: الشرع المبدل، وهو الكذب على الله ورسوله، أو على الناس بشهادات الزور ونحوها، والظلم البين، فمن قال: إن هذا من شرع الله فقد كفر بلا نزاع، كمن قال: إن الدم والميتة حلال، ولو قال: هذا مذهبي ونحو ذلك (2).
(3) وفي تعريف الشريعة الإسلامية عدة أقوال منها الشريعة: ((ما شرعه الله لعباده من العقائد والعبادات والأخلاق والمعاملات ونظم الحياة، في شعبها المختلفة لتنظيم علاقة الناس بربهم وعلاقاتهم بعضهم ببعض، وتحقيق سعادتهم في الدنيا والآخرة. فشريعة الله هي المنهج الحق المستقيم، الذي يصون الإنسانية من الزيغ والانحراف، ويجنبها مزالق الشر، ونوازع الهوى، وهي المورد العذب الذي يشفي غلتها، ويحيي نفوسها، وترتوي به عقولها، ولهذا كانت الغاية من تشريع الله استقامة الإنسان على الجادة، لينال عز الدنيا وسعادة الآخرة)) (1).
(4) ومن هذه التعريفات: ((جميع الأحكام الواردة في الكتاب والسنة، سواء تعلقت بالعقائد أم بالأخلاق أم بأفعال المكلفين من العبادات، والمعاملات قطعية كانت أو ظنية، ويساوي معناها معنى الفقه في الصدر الأول)) (2).
(5) ومنها أن: ((الشريعة والتشريع والشرع: كل ما شرعه الله عز وجل لخلقه، سواء أكان يتعلق بالعقائد: كتوحيد الله عز وجل وإثبات الصفات له جل شأنه، وإرسال الرسل .. والإيمان بالقضاء والقدر والموت والبعث والحساب والجنة والنار، وغير ذلك مما هو معروف من مسائل علم أصول الدين أو التوحيد أم كان يتعلق بالأخلاق: كالصدق والأمانة والكرم والشجاعة وغير ذلك من أخلاق يلزم المؤمن أن يتصف بها وأن يتخلى عن نقيضها من الأخلاق الذميمة: كالكذب والخيانة والبخل ... أم كان يتعلق بالأحكام العملية: كالعبادات والمعاملات والحدود والقصاص وغير ذلك مما هو معروف من موضوعات علم الفقه)) (1).
¥