تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(6) ثم غلب مدلول الشريعة في المفهوم عند الإطلاق - في نظر الدكتور عبد الله الدرعان- على الأحكام العملية التي شرعها الله سبحانه وتعالى كأحكام العبادات، أو شرع أصولها، وكلف العلماء بالاجتهاد على مقتضاها، كما في أحكام العادات وكلف المسلمين بالعمل بها في تنظيم علاقتهم بربهم، وعلاقة بعضهم ببعض، وسميت هذه الأحكام شريعة لاستقامتها وسلامتها من الانحراف (2).

التعريف المختار:

هو أن: ((للتشريع في اصطلاح العلماء إطلاقان:

أولهما: أن التشريع هو ما سنه الله تعالى من أحكام أوحى بها إلى نبي من الأنبياء الكرام، لتبليغها للأنام.

فإذا أردنا الشريعة الإسلامية قلنا: هي ما نزل به الوحي على محمد من الأحكام التي تصلح أحوال الناس في دنياهم وأخراهم، سواء في ذلك أحكام العقيدة أو العبادة أو الأخلاق. ويشهد لهذا المعنى قول الله تعالى: http://www.fiqhia.com.sa/Images/BRAKET_R.GIF شرع لكم من الدين ما وصى" به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى" وعيسى" أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه http://www.fiqhia.com.sa/Images/BRAKET_L.GIF(3). وقوله: http://www.fiqhia.com.sa/Images/BRAKET_R.GIF ثم جعلناك على" شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون http://www.fiqhia.com.sa/Images/BRAKET_L.GIF(1). وقوله تعالى: http://www.fiqhia.com.sa/Images/BRAKET_R.GIF لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا http://www.fiqhia.com.sa/Images/BRAKET_L.GIF(2).

الثاني: أن التشريع هو: العلم الذي يبحث حالة الفقه الإسلامي في عصر الرسول وما بعده من العصور، وحالة الفقهاء والمجتهدين، ومناهجهم في استنباط الأحكام.

وبالإطلاق الأول فإن التشريع لا يصدق إلا على الأحكام في عصر الرسالة حيث يتوافر الوحي قرآناً وسنة.

وبالإطلاق الثاني فإنه يصدق على هذا النوع من العلوم الذي يعنى بمعرفة الأطوار المختلفة للفقه الإسلامي، ومصادره ومدارسه (3)، (4).

العلاقة بين المعنى اللغوي والإصطلاحي للشريعة:

مما لاشك فيه أن العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي لأي لفظ وثيقة جداً، فلا يوجد معنى اصطلاحي منبت الصلة عن معناه اللغوي.

والمعنى اللغوي للفظ (الشريعة) واضح وجلي في المعنى الاصطلاحي. فعلى المعنى اللغوي الأول؛ وهو أن الشريعة مورد الماء الجاري، سميت الأحكام: (شريعة)؛ من جهة أنها توصل إلى حياة النفوس؛ كما أن المورد يوصل إلى ما فيه حياة الأبدان.

وعلى المعنى اللغوي الثاني، وهو أن الشريعة: الطريقة الواضحة، سميت الأحكام: (شريعة) من جهة أنها مستقيمة، لا اختلاف فيها ولا اضطراب؛ كما أن الطريقة الواضحة لا التواء فيها ولا اعوجاج. وسميت الشريعة تشبيهاً بشريعة الماء، حيث إن من شرع فيها على الحقيقة المصدوقة روى وتطهر (1).

القول المختار

وبعد الأخذ والرد، وبعد عرض هذا الدليل (شرع من قبلنا) ومذاهب العلماء في حجيته ودليل القائلين به، والنافين له، يبدو لنا أن الخلاف فيه ليس كبير أثر، ويقرب أن يكون خلافاً لفظياً، وذلك كما يظهر من خلال الفروع الفقهية التي ذكر فيها الاحتجاج أو الأخذ بشرع من قبلنا (2).

حيث إننا نجد القائلين بأنها حجة يلزمنا العمل به، قلما يحتجون به في مسألة إلا ويعضدون احتجاجهم هذا بدليل آخر ثابت في شرعنا، ومقبول لدى الجميع على وجه الإجمال، كما أننا نجد القائلين بنفيه كثيراً ما يستأنسون بنصوص تذكر أحكاماً وردت في شرع من قبلنا، وإن كانوا لا يعتمدونها أصلاً في المسألة (3). وأيضاً لا يكاد يوجد شيء من شرع من قبلنا الوارد به شرعنا إلا وفي شرعنا ما يدل عليه بالموافقة أوالمخالفة، بدليل أو بقرينة السياق الدال على الحث عليه أو التحذير منه من قريب أو بعيد.

ويمكن رد الخلاف في هذه المسألة إلى اللفظ دون الحقيقة، إذا عُلم اتفاق الجميع على تقرير الحقائق التالية:

(أ) وجوب العمل بجميع نصوص الكتاب والسنة.

(ب) أن شريعة نبينا محمد ناسخة لجميع الشرائع، يوضح ذلك:

(ج) أن العمل بشرع من قبلنا من حيث كونه شرعاً للأنبياء السابقين لا يجوز عند الجميع. ومن ذهب إلى تصحيح العمل بشرع من قبلنا فذلك من حيث كونه شرعاً لنبينا محمد، يوضحه الشروط التالية:

الأول: أن يصح النقل بطريقة أنه شرعهم. وذلك بأربع طرق: إما بالقرآن كقوله تعالى: http://www.fiqhia.com.sa/Images/BRAKET_R.GIF أن تذبحوا بقرة http://www.fiqhia.com.sa/Images/BRAKET_L.GIF(1)، أو تصحيح السنة، كما استدلوا بحديث الغار على صحة بيع الفضولي وشرائه، أو ثبت نقل بطريق التواتر الذي لا يمكن الغلط فيه ... وإما بأن يشهد به اثنان أسلما منهم ممن يعرف المبدَّل.

الثاني: أن لا تختلف في تحريم ذلك وتحليله شريعتان، فإن اختلفتا كأن كان ذلك حراماً في شريعة إبراهيم، وحلالاً في شريعة غيره، فيحتمل أن يؤخذ بالمتأخر، ويحتمل التخيير، وإن لم نقل بأن الثاني ناسخ للأول، فإن ثبت كون الثاني ناسخاً وجهل كونه حراماً في الدين السابق أو اللاحق توقف، ويحتمل الرجوع إلى الإباحة الأصلية.

الثالث: أن يكون التحريم والتحليل ثابتاً قبل تحريفهم وتبديلهم، فإن استحلوا وحرموا بعد النسخ والتحريف فلا عبرة به ألبته (2).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير