وهذا المعلم وضاء فى منهج الشيخ رحمه الله فهو بعيد ع التكلف والاطالة شغوف بالاختصار والوضوح شديد الانكار على مسالك المتكلمين والجدليين والمناطقة واليك بعض النماذج على ذلك:
1 - فى تعريف العلم والفقه حين ذكر الآمدى تعريفهما فى او كتابه علق الشيخ رحمه الله على ذلك بقوله:" اولع الكثير بالتعاريف المتكلفة التى تورث العبارة غموضا والقارئ لها حيرة ومن ذلك تعريف العلم والفقه ونحوهما مما ذكر المؤلف ولذلك تراهم يحتاجون الى شرح التعريف واخراج المحترزات ويكثرون من الاعتراض والجواب ولا يكاد يخلص لهم تعريف من الاخذ والرد الواقع اصدق شاهد ".
ومثل ذلك علق فى تعريف القرآن.
واذا ورد فى المسائل الأصولية امر يحتاج الى توضيح بينه بأيسر عبارة واوضح اسلوب بكلمات مختصرات مفيدات مصدره بقوله بيانه او توضيحه او نحوها.
ومن النماذج على ذلك:
ان الآمدى رحمه الله فى مبحث العلة المستنبطة مثل بقوله:
" كتعليل وجوب الشاة فى باب الزكاة بدفع حاجة الفقراء لما فيه من رفع وجوب الزكاة ".
فعلق الشيخ رحمه الله على ذلك توضيحا لمراد المؤلف فقال: " بيانه: ان وجوب الشاة زكماة عن اربعين شاة اذا كان المقصود منه مجرد دفع حاجة الفقراء ولو يبذل القيمة ارتفع وجوب الشاة على التعيين فى الزكاة ".
ولعل فيما سبق من اكبر الشواهد على هذا المعلم وايثارا للاختصار فساكتفى بذكر ارقام الصفحات المبينة لنماذج اخرى فى ذلك.
المبحث السابع: المعلم السابع: مجانبته التعصب والتقليد:
تبين مما سبق لا سيما فى المعلم الثانى حرص الشيخ رحمه الله على الدليل وتعظيمة للنصوص وبناؤه منهجه الاصولى عليها ولذلك كان رحمه الله بعيدا عن التعصب لمذهب او الجمود على مشرب او التقليد للغير بدون دليل صحيح او نظر سليم.
واذا كان للاصوليين اراء ومناهج بنوا عليها مسائلهم واستنباطاتهم وسار عليها الخلف اقتداء بالسلف فان الشيخ رحمه الله كانت له تميزه فى ذلك فلم يتعصب لمدرسة أصولية متكلمين أو غيرهم ولم يسلم عقله ومنهجه مذهب فقهى لا يحيد عنه كما عليه كثير من الفقهاء والاصوليين لكنه رحمه الله جانب ذلك كله وجعل الدليل منهجه والنظر الصحيح مسلكه فجاء منهجه متميزا بمجانبه التعصب والتقليد المجرد وهذه بعض النماذج على ذلك.
1 - فى محاولة للآمدى رحمه الله ان يقتصر الرد للكتاب والسنة على المجتهدين فقط وهو يومئ ولو من طرف خفى للتقليد للذاهب دون رجوع مباشر الى الوحيين.
علق الشيخ رحمه الله على ذلك بقوله: " .. ان وجوب الرد الى الله والرسول لم يخص بحال ولا زمن ولا بأحد فيجب بقاؤه على عمومه ولا يخرج منه الا الرد اليه بسؤاله بعد وفاته لتعذره والا من عجز عن الرد اليه لضعف استعداده او مؤهلاته فلا يكلف ذلك ... " وهو ظاهر فى اتباع الدليل وطلبه من كل احد ويتجلى هذا المعلم كثيرا فى مبحث الاجتهاد والتقليد عند الاصوليين بمثلهم الآمدى رحمه الله فكان الشيخ رحمه الله يعلق على المسائل الخاصة بذلك مما يؤكد هذا المنهج بجلاء.
خذ على سبيل المثال:
أول تعليق فى باب التقليد أحال الشيخ رحمه الله القارئ الى كلام المحققين من اله العلم فى هذه المسألة الذين حققوا مناطها وفصلوا القول فيها حسب قوة الدليل وسلامة التعليل وحذروه من التعصب والتقليد.
وفى التعليق الثانى والثالث فصل الشيخ رحمه الله فى مسألة من يجوز فى لاتقليد ممن يحرم عليه وفى الرابع حث على الدليل وعظم السنة وعد مساواتها بالاجماع تسامحا او تحريفا كما اورده المصنف رحمه الله.
وفى التعليق الخامس لما سوى المصنف بين التقليد والاتباع والاستفتاء وعدها خلافا فى عبارة علق الشيخ رحمه الله بقوله: " ليس هذا مجرد اختلاف فىالعبارة والاصطلاح بل الاختلاف بين حقائق ومدلولات تلك العبارات يتبعه اختلاف فى حكم بعضها واتفاق على حكم بعض اخر ".
وفى مسائل الاجتهاد فصل الشيخ الكلام فيها بقول نفيس خلاصته انه لا يخلو منه زمان وانه لا ينقطع.
وتلك دعوة الى تحرى الحق فى مسائل الاجتهاد والنظر فيها على حسب ادلة وقواعد الشريعة الغراء.
ولعله بذلك قد تبين حرص الشيخ رحمه الله على تحقيق هذا المعلم حرصا على ما دل عليه النقل الصحيح والعقل الصريح بعيدا عن التعصب والتقليد وفتحا لباب الاجتهاد بالضوابط الشرعية والشروط المرعية.
المبحث الثامن: المعلم الثامن: عنايته الفائقة باللغة العربية:
اللغة العربية لغة القرآن الكريم بها نزل وبها أبان التوحيد وأوضح الاحكام وبمعهود العرب ومألوفهم واسلوبهم جاء الخطاب الشرعى ولما كانت الالفاظ قوالب للمعانى واللغة وعاء المعنى فان للغة العربية اثرا كبيرا واهمية كبرى ومنزلة عظمى عند العلماء لاسيما علماء الشريعة خاصة علماء الاصول لانها عمدة غفى معرفة دلالات الالفاظ وبناء الاحكام عليها كما يحتاجها المجتهدون والمفتون للنظر فى دلالات اللفظ ومن ثم بناء الحكم عليه ولهذا كانت اللغة مصدرا يستمد منه علم الاصول ومعينا ثرا للاصوليين يبنون من خلاله استنباطاتهم واحكامهم وكذلك سلك الشيخ رحمه الله فكان حريصا على اللغة العربية مجانبا البعد عنها وتركها.الى فلسفات منطقية ومذاهب كلامية يبنى عليه بعض الاستلالات الشرعية.
فها هو رحمه الله يعيب على بعض الاصوليين خروجهم عن منهج الكتاب والسنة واللغة العربية الى صناعة منطقية ومباحث كلامية لا سيما فى الحدود والتعريفات.
فغعند اغراق الآمدى فة التعريفات للقياس والاعتراضات عليها والمناقشات والاجابات علق الشيخ رحمه الله بقوله:" هذه التعريف دخلتها الصناعة المنطقية المتكلفة فصارت خفية غامضة واحتاجت الى شرح وبيان ومع ذلك لم تسلم من النقد والاخذ والرد ولو سلكوا فى البيان طريقة القرآن وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ومعهود الرب ومألوفهم – وهذا هو الشاهد – من الايضاح بضرب الامثال لسهل الأمر ... الخ ".
كما اعتنى رحمه اله ببناء الدلالات الأصولية – كدلالة الامر والنهى والعام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين والمنطوق والمفهوم وغيرها
¥