تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[05 - 03 - 09, 05:37 م]ـ

فصل:

أنواع أحكامه

? تَبَايَنَتْ أَحْكَامُ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ مِنْ حَيْثُ مَوْضُوعُهَا، فَكَانَ مِنْهَا مَا يَتَّصِلُ باللهِ تَعَالَى كَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَتَوْحِيدِ عِبَادَتِهِ وَإِفْرَادِهِ بِالْمُلْكِ وَتَوَابِعِهِ وَسَائِرِ أَرْكَانِ الْإِيمَانِ وَلَوَازِمِهَا. وَكَانَ مِنْهَا مَا يَتَّصِلُ بَأَعْمَالِ الْمُكَلَّفِينَ حِلًّا وَحُرْمَةً أَوْ طَلَبًا وَتَرْكًا كَالْأَمْرِ بِأَنْوَاعِ الْعَبِادَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ وَالنَّهْيِ عَنِ الخَبَائِثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَكَانَ مِنْهَا مَا يَمَسُّ النَّفْسَ الْإِنْسَانِيَّةَ تَصْفِيَةً وَتَرْبِيَةً كَالْأَمْرِ بِالْعَفْوِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْكِبْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَإِلَيْكَ تَمْثِيلُهَا

أولا الأَحْكَامُ الاعْتِقَادِيَّةُ: وَهِيَ الَّتِي تَتَنَاوَلُ مَا يَتَّصِلُ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَغَالِبُ هَذِهِ الْأَحْكَامِ تَكُونُ الْفَصْلَ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ، وَتَارِكُهَا مُحْبَطٌ عَمَلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَالْخِلَافُ فِيهَا خِلَافُ هُدَىً وَضَلَالَةٍ. وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْأَحْكَامِ لَا يُبْحَثُ فِي عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ وَإِنَّمَا فِي عِلْمِ الْعَقَائِدِ أَوِ التَّوْحِيدِ. وَقَدْ مُلِئَ الْقُرْآنُ بِهِ حَتَّى لَا تَكَادَ آيَةٌ أَنْ تَخْلُوَ مِنْهُ، وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} وَقَوْلُه تَعَالَى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} فَتَوْحِيدُ Qِ بِالْعِبَادَةِ وَتَنْزِيهُهُ عَنِ النَّقَائِصِ وَالْمَثِيلِ لَيْسَ تُحْرَّرُ قَوَاعِدُهُ وَأُصُولُهُ فِي عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ أَصَالَةً ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=992842#_ftn1)).

ثانيا الأَحْكَامُ العَمَلِيَّةُ: وَهِيَ الَّتِي تَتَعلَّقُ بِمَا يَصدُرُ عَنِ الْمُكَلَّفِ مِنْ أَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ وَعُقُودٍ وَتَصَرُّفَاتٍ؛ عَلَى مُسْتَوَى الْفَرْدِ أَوِ الْجَمَاعَةِ أَوِ الدَّوْلَةِ. فَالْأَحْكَامُ الْعَمَلِيَةُ فِي الْقُرْآنِ تَنَاوَلَتْهَا إِمَّا بِطَلَبِ الْفِعْلِ أَوِ التَّرْكِ. وَهَذَا النَّوْعُ هُوَ مَوْضُوعُ عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ إِجْمَالًا كَمَا مَرَّ عَلَيْنَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ، أَيْ أَنَّهَا الْحَقْلُ الَّذِي يُبْذَرُ فِيهِ هَذَا الْعِلْمُ لِتُجْنَى الثَّمَرَةُ الْمَرْجُوَّةُ. وَقَدْ مَرَّ عَلَيْنَا الْعَدِيدُ مِنَ الْآيِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ أَحْكَامًا شَرْعِيَّةً لِأَعْمَالِ الْمُكَلَّفِينَ الْعَمَلِيَّةِ.

ثالثا الأحكام الخُلُقية: وَهِيَ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِمَا يَنْبَغِي لِلْمُكَلَّفِ أَنْ يَتَحَلَّى بِهِ مِنَ الْفَضَائِلِ وَالسِّمَاتِ وَأَنْ يَتَخَلَّى عَنْهُ مِنَ السَّفَاسِفِ وَالتُّرْهَاتِ. وَهَذَا مَا يُعْرَفُ بِعِلْمِ الزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

مِنْ تِلْكَ الْآيِ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} وَفِي الْحَقِيقَةِ أَرَى هَذَا النَّوْعَ مِنَ الْأَحْكَامِ يَنْبَنِي عَلَى النَّوْعَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَإِلَى الْأُولَى–الِاعْتِقَادِيَّةَ-أَوْصَلُ ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=992842#_ftn2)). وَQُ أَجَلُّ وأَعْلَمُ.

([1]) قلت أصالةَ لأنا قد نحتاج لبعض مصطلحاته كالوجوب والكراهة وشرط الصحة نحو ذلك. ككراهة القول بأن الإيمان مخلوق، وتحريم القول بقول لفظي بالقرآن مخلوق أو غير مخلوق سدا للذريعة ... إلخ إضافة إلى احتياج الناظر إليه لتهيئة ذهنه للنظر والفهم والاستدلال أو الاعتقاد والله أعلم. فما من علم –تقريبا- إلا ويتدخل فيه علم أصول الفقه لكن على تفاوت بين تيك العلوم.

([2]) لذلك ربط علماء السنة بين العقيدة والسلوك بخلاف المبتدعة فعقائدهم لا تورث عملا إلا قليلا. ولعلك إذا كحلت ناظريك بمطالعة الواسطية لابن تيمية وجدت مصداق ذلك. وأوشح هذه الرسالة بمقالته في آخرها: وَيَأْمُرُونَ بِالصَّبْرِ عِنْدَ الْبَلاءِ، وَالشُّكْرِ عِنْدَ الرَّخَاءِ وَالرِّضَا بِمُرِّ الْقَضَاءِ. وَيَدْعُونَ إِلَى مَكَارِمِ الأَخْلاقِ، وَمَحَاسِنِ الأَعْمَالِ، وَيَعْتَقِدُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» ... إلخ وعلى الصعيد الفقي صنع الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام حيث ختمه بباب جامع لهذه الأخلاق الحميدة ترغيبا، والصفات الذميمة ترهيبا. والله تعالى أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير