ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[14 - 03 - 09, 12:53 م]ـ
فصل:
دلالة آياته على الأحكام
? دَلَالَاتُ آيِ الْقُرآنِ لَيْسَتْ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا تَتَّجِهُ وِجْهَتَيْنِ، وِجْهَةً قَطْعِيَّةً وَهَذِهِ سِمَةٌ غَالِبَةٌ عَلَى آيَاتِ الِاعْتِقَادِ، وَوِجْهَةً ظَنِّيَّةً وَهَذِهِ سِمَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي كَثِيرٍ – أَوْ أَكْثَرِ- آيَاتِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ، وَفِيهَا يَتَفاضَلُ الْفُقَهَاءُ، وَيَتَمَيَّزُونَ عَلَى الْعَامَّةِ، وَفِيمَا يَلِي نُلْقِي الضَّوْءَ عَلَى هَذَا النَّوْعِ الآخِيرِ:
· الدَّلالَةُ الْقَطْعِيَّةُ: هِيَ مَا دَلَّتْ عَلَى مَعْنًى مُتَعَيِّنٍ فَهْمُهُ مِنَ النَّصِّ وَلَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا وَلَا مَجَالَ لِفَهْمِ مَعْنًى غَيْرِهِ مِنْهُ، مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ}، فَهَذِهِ الدَّلَالَةُ قَطْعِيَّةٌ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الزَّوْجِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ النَّصْفُ لَا غَيْرَ. وَمِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي شَأْنِ الزَّانِي وَالزَّانِيَةِ: {فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} وَهَذِهِ أَيْضًا قَطْعِيَّةُ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ حَدَّ الزِّنَى مِائَةُ جَلْدَةٍ لَا أَكْثَرَ وَلَا أَقَلَّ.
· الدَّلالَةُ الظَّنِّيَّةُ: وَهِيَ مَا دَلَّتْ عَلَى مَعْنًي مَعَ احْتِمَالِ إِرَادَةِ غَيْرِهِ بِنَوْعِ تَأْوِيلٍ كَمَا فِي الْعَامِّ وَالْخَاصِّ وَالْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ وَالْمُشْتَرَكِ وَالْمَجَازِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَوْجُهِ دَلَالَاتِ النَّصِّ وَالَّتِي سَيُفَصَّلُ الْقَوْلُ فِيهَا بِمَا يَتَّسِعُ وَالْمَقَامَ فِي الْكِتَابِ الثَّالِثِ: "دَلَالَةُ الْأَدِلَّةِ عَلَى الْأَحْكَامِ"
-مِثَالُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} فَالنَّهْيُ عَنْ قُرْبَانِ الصَّلَاةِ حَالَ الْجَنَابَةِ إِلَّا لِعَابِرِي سَبِيلٍ اِخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ التَّأْوِيلِ:
- فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ. وَلَا تَقْرَبُوهَا جُنُبًا أيضا؛ إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ يَعْنِي مُسَافِرًا لَا يَجِدُ الْمَاءَ فَلَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ لِفُقُودِ الْمَاءِ.
- وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: لَا تَقْرَبُوا الْمُصَلَّى لِلصَّلَاةِ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ , وَلَا تَقْرَبُوهُ جُنُبًا حَتَّى تَغْتَسِلُوا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل , يَعْنِي: إِلَّا مُجْتَازِينَ فِيهِ لِلْخُرُوجِ مِنْهُ. وَتَفْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ.
? وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ مِنَ الدَّلَالَةِ؛ لِلْأَثَرِ وَالنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ وَاسِعٌ، وَيَتَفَاضَلُ فِيهِ النُّظَّارُ بِحَسَبِ مَا لَدَيْهِمْ مِنْ آثَارٍ وَأَنْظَارٍ. فَالْأَثَرُ قَدْ يُفَصِّلُ وَقَدْ يُقَيِّدُ وَقَدْ يُخَصِّصُ أَوْ يُعَيِّنُ إِحْدَى الِاحْتِمَالَاتِ الظَّاهِرَةِ مِنَ الْآيَةِ.وَمَا إِلَى ذَلِكَ مِمَّا يُبْحَثُ إِنْ شَاءَ Qُ فِي فَصْلِ "السُّنَّة" الَّذِي يَلِي هَذَا الْفَصْلَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ Qُ تَعَالَى. ثُمَّ إِنَّ الْأَثَرَ قَدْ لَا يُسْعِفُ بِتَعْيِينِ إِحْدَى الِاحْتِمَالَاتِ نَصًّا وَإِنَّمَا إِيمَاءً وَإِشَارَةً وَهَذَا مِضْمَارُ أَهْلِ النَّظَرِ مِمَّنْ فَتَحَ Qُ عَلَيْهِمْ فِي مُلَاحَظَةِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَمَعْرِفَةِ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ فَيَظْهَرُ لَهُ بِقُوَّةٍ مَا يَتَرَدَّدُ فِيهِ غَيْرُهُ وَيَضْطَرِبُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ مِمَّا وُسِّعَ فِيهِ عَلَى الْأُمَّةِ. وَQُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[19 - 03 - 09, 02:01 م]ـ
مبحث
طريقة بيانه للأحكام
¥