2. نَسْخُ اللَّفْظِ مَعَ بَقَاءِ حُكْمِهِ: كَنَسْخِ لَفْظِ آيَةِ الرَّجْمِ بِالْحِجَارَةِ لِلزَّانِي الْمُحْصَنِ، وَهَذَا يَدْفَعُ الْأُمَّةَ فِي كُلِّ زَمَنٍ إِلَى التَّمَسُّكِ بِالسُّنَّةِ وَحِفْظِهَا وَالِاجْتِمَاعِ عَلَى نَقْلِهَا وَتَطْبِيقِهَا.
وعنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ t قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ فَكَانَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا فَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ وَإِنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوْ الِاعْتِرَافُ. ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=981844#_ftn2))
أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له
3. نَسْخُ اللَّفْظِ وَحُكْمِهِ مَعًا: وهذا النوع قليل، ومنه نسخ الرضعات العشر كما في حديث عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ e وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ. ([3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=981844#_ftn3))
أخرجه مسلم
هَذَا وَالنَّسْخُ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِدَلِيلٍ، وَلِلنَّسْخ مَبَاحِثُ أُخْرَى مُهِمَّةٌ يَأْتِي الْحَدِيثُ عَنْهَا فِي الكَلَامِ عَنِ السُّنَّةِ. عِنْدَ الْحَدِيثِ عَنْ عَلَاقَةِ أَحْكَامِ السُّنَّةِ بِأَحْكَامِ الْقُرْآنِ إِنْ شَاءَ Qُ تَعَالَى.
مبحث
الحكمة من النسخ
? قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَلَا خِلَاف بَيْن الْعُقَلَاء أَنَّ شَرَائِع الْأَنْبِيَاء قُصِدَ بِهَا مَصَالِحُ الْخَلْق الدِّينِيَّةُ وَالدُّنْيَوِيَّةُ , وَإِنَّمَا كَانَ يَلْزَم الْبَدَاء لَوْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِمَآلِ الْأُمُور , وَأَمَّا الْعَالِمُ بِذَلِكَ فَإِنَّمَا تَتَبَدَّل خِطَابَاتُه بِحَسَبِ تَبَدُّلِ الْمَصَالِح , كَالطَّبِيبِ الْمُرَاعِي أَحْوَال الْعَلِيل , فَرَاعَى ذَلِكَ فِي خَلِيقَتِه بِمَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ , لَا إِلَه إِلَّا هُوَ , فَخِطَابُه يَتَبَدَّلُ , وَعِلْمُهُ وَإِرَادَتُهُ لَا تَتَغَيَّر , فَإِنَّ ذَلِكَ مُحَالٌ فِي جِهَةِ اللَّه تَعَالَى.ا. هـ
وَفِيمَا يَلِي تَقْسِيمٌ لِمَقَاصِدِ النَّسْخِ التَّشْرِعِيَّةِ حَسْبَمَا تَيَسَّرَ:
أولا: التَّدَرُّجُ فِي التَّشْرِيعِ: فَإِنَّ الشَّارِعَ الْحَكِيمَ يُرَاعِي مَصَالِحَ عِبَادِهِ، فَلَوْ أَنْزَلَ الْأَحْكَامَ بَاتَّةً عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ، دُونَ تَدَرُّجٍ وَمُرُورٍ بِمَرَاحِلَ تَمْهِيدِيَّةٍ، لَكَانَ ذَلِكَ أَدْعَى لِعَدَمِ الِاسْتِجَابَةِ، فَكَانَ مِنْ لُطْفِهِ وَحِكْمَتِهِ أَنْ يَنْزِلَ بَعْضُ الْأَحْكَامِ مُتَدَرِّجَةً، وَأَنْ يَحْصُلَ فِيهَا النَّسْخُ.
تَقُولُ أُمُّنَا عَائِشَةُ رضي الله عنها إِنَّمَا نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ سُورَةٌ مِنْ الْمُفَصَّلِ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الْإِسْلَامِ نَزَلَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَيْءٍ لَا تَشْرَبُوا الْخَمْرَ لَقَالُوا لَا نَدَعُ الْخَمْرَ أَبَدًا وَلَوْ نَزَلَ لَا تَزْنُوا لَقَالُوا لَا نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا.
أخرجه البخاري
ثانيا: اخْتِبَارُ الْمُكَلَّفِينَ بِاسْتِعْدَادِهِمْ لِقَبُولِ التَّحَوُّلِ مِنْ حُكْمٍ إِلَى آخَرَ. دُونَ شَكٍّ أَوِ ارْتِيَابٍ لِيَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ.
¥