ولما افتتح المعهد العالي للقضاء عين أول مدير له وقام بوضع مناهجه، ثم بعد ذلك انتقل إلى رئاسة البحوث العلمية والإفتاء وعين نائبا لرئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء وعضوا في هيئة كبار العلماء، وأشرف على عشرات الرسائل في الماجستير والدكتوراه، وشارك في أعمال التوعية الإسلامية في الحج مفتيا ومدرسا في المسجد الحرام والمشاعر في الموسم.
كما قام بالإمامة والخطابة والتدريس في مسجده بالرياض.
وهكذا كانت حياته رحمه الله مليئة بالتدريس والإرشاد والدعوة والإفتاء شأن العلماء العاملين المخلصين لدينهم وأمتهم رحمه الله رحمة واسعة.
المطلب السادس: صفاته وأخلاقه:
لقد جبل الشيخ رحمه الله على صفات كريمة ومزايا عظيمة قل أن تجتمع في رجل، فكان رحمه الله مثالا في الشمائل الحميدة والأخلاق الحسنة، متسما بالورع والتواضع والزهد والبعد عن الأضواء، مع ما وهبه الله من عمق في العلم وقوة في الحجة، كما كان رحمه الله عف اللسان، منصفا للمخالف، حكيما في الرأي، بعيد النظر، مع قوة في الحق وتعامل بالحسنى وإنزال الناس منازلهم، كما كان رحمه الله مهيبا ذا وقار وخشية. أما صفاته الخلقية فكان رحمه الله ربعة من الرجال إلى الطول أقرب، أبيض البشرة، تزينه لحية طويلة تشعر بالبهاء والجلال والحرص على السنة في مظهره ومخبره رحمه الله.
وله مواقف عظيمة ولطيفة، كما له إسهامات في البذل والجود في أعمال الخير والإنفاق على طلبة العلم، كما عرف بالصبر والتحمل والاحتساب فكسب حب الناس وثناءهم وتقديرهم رحمه الله.
المطلب السابع: تلاميذه:
يعد الشيخ رحمه الله أستاذ جيل يعتبر اليوم النواة المباركة في نهضة هذه البلاد علميا وقضائيا وإداريا، فلا نبالغ إذا قلنا: إن الطبقة التي هي كبار علمائنا هم من تلاميذ الشيخ رحمه الله، فقد استفاد من الشيخ رحمه الله كل من درس في المعهد والكلية والمعهد العالي للقضاء، وهم جمع غفير أذكر من أشهرهم:
ا- سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ.
2 - الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان.
3 - د. عبد الله بن عبد المحسن التركي.
4 - الشيخ صالح بن محمد اللحيدان.
5 - الشيخ د. عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين.
6 - الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان.
7 - الشيخ صالح بن عبد الرحمن الأطرم.
8 - الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام.
9 - الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع.
10 - الشيخ عبد الله بن حسن بن قعود.
وغيرهم كثير بارك الله فيهم ونفع بهم الإسلام والمسلمين.
المطلب الثامن: وفاته:
قدر الله على الشيخ رحمه الله الإصابة بأمراض في آخر حياته، وفي يوم الخميس الخامس والعشرين من الشهر الثالث سنة 1415 هـ أدخل المستشفي إثر تردي حالته الصحية، وبقي فيه مدة وجيزة حتى فاضت روحه إلى بارئها عن عمر يناهز التسعين عاما، قضاها مجاهدا بقلمه ولسانه، معلما مدرسا مفتيا مرشدا، وقد أم المصلين عليه سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ بحضور جمع غفير من طلابه ومحبيه، ودفن في مقبرة العود في الرياض رحمه الله رحمة الأبرار، وقد عزاه ولاة الأمر وفقهم الله والعلماء وطلاب العلم وأثنوا على ما كان يتمتع به رحمه الله من مكانة علمية عالية وما لفقده رحمه الله من أثر على الساحة العلمية والإسلامية،
عوض الله المسلمين فيه خيرا ورفع درجاته في عليين، إنه خير مسئول وأكرم مأمول والحمد لله رب العالمين. [4]
المطلب التاسع: آثاره العلمية ومؤلفاته:
كان للشيخ رحمه الله نظرة في التأليف سببها تواضعه وتورعه رحمه الله، فبالرغم من غزارة علمه وسعة إدراكه وتبحره في علوم شتى، إلا أنه لم يعرف له إلا أثار قليلة، منها: (مذكرة في التوحيد)، و (حاشية على تفسير الجلالين)، وتعليق على كتاب (الإحكام في أصول الأحكام) للآمدي، كما أن له تعليقات يسيرة محفوظة على عدد من كتب العقيدة، كما أن له مقالات وكتابات في مجلة التوحيد والهدي النبوي، وله مجموعة من المحاضرات والدروس والمناقشات العلمية وفتاوى متنوعة جديرة بالعناية والرعاية والاهتمام،
وعسى الله أن ييسر إخراجها حتى ينفع الله بها طلاب العلم الباحثين والمهتمين بالتحقيق، إنه جواد كريم.
¥