تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولأختم هذا المعلم بهذه اللطيفة اللغوية، فقد أورد الآمدي لفظة (ذات) على الله سبحانه وتعالى [2\ 316 من الإحكام]، فعلق الشيخ - رحمه الله - على ذلك بقوله: (جرى علماء الكلام والأصول على إطلاق كلمة: (ذات) على نفس الشيء وعينه وحقيقته، وأن يدخلوا عليها الألف واللام، وهذا لا يصح في اللغة العربية، فإن كلمة (ذات) مؤنث كلمة (ذو) وكلتاهما لا يدخل عليها الألف واللام، ولا تطلق على نفس الشيء وحقيقته، إنما تنسب إليه نسبة الصفة إلى الموصوف وتضاف إلى ما لها به نوع ملابسة واتصال). [15]

المبحث التاسع:

المعلم التاسع: تأثره بمنهج المحققين من الأصوليين:

من المتقرر أن مِن العلماء مَن لم يسلك منهجي المتكلمين والفقهاء المعروفين في علم الأصول، بل استفاد من إيجابيات كل منهما، وجانب المؤاخذات عليه، والتزم بصحة الدليل وسلامة التعليل والعناية بالتطبيق والتمثيل، مع وضوح العبارة ومجانبة الولوغ في الجدل، فأخذ اللباب واهتم بالجوهر، فكانت طريقته متميزة ومنهجه سليما، بل منهم من هو مدون علم الأصول لكن نهج من جاء بعده - في الغالب - نهج المتكلمين ذلك هو الإمام الشافعي رحمه الله ولقد أثنى شيخنا - رحمه الله - عليه في المقدمة فقال: (وكان أول من عني بتدوين أصول الفقه فيما اشتهر بين العلماء أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، فأملى كتابه المعروف بالرسالة. . . وقد جمع فيه بين أمرين:

الأول: تحرير القواعد الأصولية وإقامة الأدلة عليها من الكتاب والسنة، وإيضاح منهجه في الاستدلال وتأييده بالشواهد من اللغة العربية.

الثاني: الإكثار من الأمثلة لزيادة الإيضاح والتطبيق لكثير من الأدلة على قضايا في أصول الشريعة وفروعها، مع نقاش للمخالفين تزيده جزالة العبارة قوة وتكسبه جمالا، فكان كتابه قاعدة محكمة بنى عليها من جاء بعده، ومنهجه فيه طريقا واضحا سلكه من ألف مع هذا العلم. . . "

وتوسع فيه إلى أن قال - رحمه الله: (ولو سلك المؤلفون في الأصول بعد الشافعي طريقته في الأمرين تقعيدا واستدلالا وتطبيقا وإيضاحا بكثرة الأمثلة، وتركوا الخيال وكثرة الجدل والفروض، وأطرحوا العصبية في النقاش والحجاج، ولم يزيدوا إلا ما تقتضي طبيعة النماء في العلوم إضافته من مسائل وتفاصيل لما أصل في الأبواب، وإلا ما تدعو إليه الحاجة من التطبيق والتمثيل من واقع الحياة للإيضاح. . . لسهل هذا العلم على طالبيه، ولانتهى بمن اشتغل به إلى صفوف المجتهدين من قريب) ص: ب، ج من المقدمة للشيخ رحمه الله.

وممن استفاد منه شيخنا - رحمه الله - الإمام أبو محمد ابن حزم رحمه الله، فقد أثنى عليه وعلى كتابه في الأصول من حيث العناية بالأدلة النقلية والإكثار منها وربطها بالفروع، غير أنه رأى أنه لا يبلغ مبلغ الشافعي - رحمه الله - وأنه أخذ عليه الجمود على الظاهر، وإغفال المقاصد والحكم الشرعية، مع شدته في المعارضة والنقاش.

وإليك ما قاله الشيخ - رحمه الله - عنه وعن كتابه، والمقارنة بينه وبين الشافعي، فيقول:

(وقد تبعه - يعني الشافعي - في الأمرين، وهما العناية بالقواعد الأصولية والاستدلال عليها، والتمثيل والتطبيق - أبو محمد علي بن حزم في كتابه الإحكام في أصول الأحكام، بل كان أكثر منه سردا للأدلة النقلية مع نقدها وإيرادا للفروع الفقهية مع ذكر مذاهب العلماء فيها وما احتجوا به عليها، ثم يوسع ذلك نقدا ونقاشا ويرجح ما يراه صوابا، غير أن أبا محمد وإن كان غير مدافع في سعة علمه واطلاعه على النصوص، وتمييز صحيحها من سقيمها، والمعرفة بمذاهب العلماء وأدلتها، وإيراد ذلك في أسلوب رائع وعبارات سهلة واضحة، لم يبلغ مبلغ الشافعي، فقد كان الشافعي أخبر منه بالنقل، وأعرف بطرقه، وأقدر على نقده، وأعدل في حكمه، وأدرى بمعاني النصوص ومغزاها، وأرعى لمقاصد الشريعة وأسرارها وبناء الأحكام عليها، مع جزالة في العبارة تذكر بالعربية في عهدها الأول، ومع حسن أدب في النقد، وعفة لسان في نقاش الخصوم والرد على المخالفين"

[1 \ ج من المقدمة]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير