ثامناً: أن ينظر المفتي إلى قواعد الشريعة ومقاصدها، وأثر فتواه على هذه القواعد والمقاصد، ومن ذلك ما حكي عن الشيخ ابن عبد السلام حين سئل: لماذا أجزنا أن يصلي الشافعي خلف المالكي وإن خالفه في بعض الفروع كمسح الرأس، ولا نجيز للمختلفين في جهة الكعبة أن يقلدوا واحد منهم الآخر؟ فأجاب: " الجماعة في الصلاة مطلوبة لصاحب الشرع، فلو قلنا بالمنع من الائتمام لمن يخالف في المذهب وأن لا يصلي المالكي إلا خلف المالكي، ولا شافعي إلا خلف شافعي لقلَّت الجماعات، وإذا منعنا ذلك في القبلة ونحوها لم يخلّ ذلك بالجماعات كبير خلل لندرة وقوع مثل هذه المسائل، وكثرة وقوع الخلاف في مسائل الفروع " ([158] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn158)).
ولله درُّ الشيخ، فهذا هو الفقه، فمن أعظم مقاصد الشريعة، تأليف القلوب، وجمع الكلمة، وتوحيد الصفوف والفقيه عليه أن يراعي هذه المقاصد في فتاواه ما استطاع من مراعاة، ييسر إذا اقتضى المقام التيسير، ويشدِّد إذا اقتضى الحال التشديد وينظر إلى أثر هذه الفتوى على هذه المقاصد.
هذا ما تيسّر جمعه في هذا المبحث، وهو آخرها، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_ednref1) للدكتور خالد العروسي الأستاذ المساعد بقسم الشريعة بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية – جامعة أم القرى
الحواشي والتعليقات
([2]) هو إبراهيم بن موسى بن محمد الشاطبي الغرناطي، من أئمة المالكية، صاحب ((الموافقات)) و ((الاعتصام)) توفي سنة 790 هـ. انظر ترجمته في: الأعلام 1/ 75.
([3]) انظر: الموافقات 4/ 141.
([4]) انظر: نفس المرجع 4/ 142.
([5]) انظر: نفس المرجع 4/ 146.
([6]) انظر: نفس المرجع 4/ 35.
([7]) هو محمد بن مفلح بن محمد المقدسي الحنبلي، شمس الدين، أبو عبد الله، صاحب ((الفروع)) و ((أصول الفقه)) توفي سنة 763 هـ. انظر ترجمته في: شذرات الذهب 8/ 340، الأعلام 7/ 107.
([8]) هو القاضي محمد بن الحسين بن محمد الحنبلي، أبو يعلى الفرّاء، صاحب ((العدّة)) و ((الاحكام السلطانية)) توفي سنة 458 هـ. انظر ترجمته في: شذرات الذهب 5/ 252، الأعلام 6/ 99.
([9]) انظر: الآداب الشرعية 1/ 132.
([10]) هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية، تقي الدين، أبو العباس، صاحب ((الفتاوى الكبرى)) و ((منهاج السنة)) توفي سنة 728 هـ. انظر ترجمته في: شذرات الذهب 8/ 142، الأعلام 1/ 144.
([11]) هو زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن رجب الحنبلي، صاحب ((القواعد الفقهية)) و ((جامع العلوم والحكم)) توفي سنة 795 هـ. انظر ترجمته في: شذرات الذهب 8/ 578، الأعلام 3/ 359.
([12]) هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي، ابن عم رسول الله ش، حبر هذه الأمة، توفي بالطائف سنة 68 هـ. انظر ترجمته في: أسد الغابة 3/ 291، الأعلام 3/ 95.
([13]) أخرجه الحاكم في مستدركه في كتاب التفسير، باب تفسير سورة حم عسق، رقم (3654)، وصححه ووافقه الذهبي.
([14]) أخرجه الترمذي في كتاب الايمان، باب افتراق هذه الأمة رقم (2778) عن أبي هريرة رضي الله عنه وقال: ((حديث حسن صحيح)).
([15]) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب مرجع النبي ش من الأحزاب رقم (4119) ومسلم في كتاب الجهاد والسير، باب المبادرة بالغزو رقم (1770) عن ابن عمر رضي الله عنهما مع اختلاف يسير في الألفاظ.
([16]) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب المتيمم يجد الماء بعدما يصلي رقم (334) عن أبي سعيد الخدري، قال أبو داود: وذكر أبي سعيد في هذا الحديث ليس بمحفوظ، وهو مرسل.
([17]) هو جزء من حديث أخرجه الحاكم في المستدرك، في كتاب العلم رقم (331) عن العرباض ابن سارية رضي الله عنه وصححه السيوطي في الجامع الصغير 2/ 379.
([18]) هو العباس بن عبد المطلب بن هاشم القرشي، عم رسول الله ش، وجد الخلفاء العباسيين شهد حنيناً وفتح مكة، توفي سنة 32 هـ. انظر ترجمته في: أسد الغابة 3/ 163، الأعلام 3/ 262.
([19]) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 2/ 267.
([20]) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، رقم (52) عن النعمان ابن بشير.
¥