تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

خامساً: إذا كان المختلفون في بلد واحد وتحت ظلِّ إمام واحد، فإن الخلاف يرتفع بحكم الحاكم، ويرجع المخالف عن مذهبه لمذهب الإمام وهذا هو مذهب الجمهور ([146] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn146))، واستدلوا بحديث: " أن ابن مسعود صلى أربعاً في منى مع عثمان، فقيل له: عبت على عثمان ثم صليت أربعاً فقال: الخلاف شر " ([147] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn147)).

وأيضاً ما روي عن أبي موسى ([148] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn148)): " أنه كان يفتي بالمتعة فقال رجل لأبي موسى: رويدك بعض فتياك، فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعدك، فقال: يا أيها الناس: من كنا قد أفتيناه فتيا فليتئد، فإن أمير المؤمنين قادم عليكم فأتموا، قال: فقدم عمر، فذكرت ذلك له، فقال: أن تأخذ بكتاب الله فإن الله تعالى قال: [وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ] [البقرة: 196] وأن تأخذ بسنة رسول الله e، فإن رسول الله e لم يحل حتى نحر الهدي " ([149] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn149))، قال ابن هبيرة ([150] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn150)): " يتعين على العالم إذا كان يفتي بما كان الإمام على خلافه مما يسوغ فيه الاجتهاد في مثل هذه المسألة وذلك الموطن أن يترك ما كان عليه ويصير إلى ما عليه الإمام " ([151] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn151)). وقد ذكر القرافي ([152] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn152)) - رحمه الله - أنه لولا هذا، الضابط لما استقرت للحكام قاعدة ولبقيت الخصومات، ودام التنازع والعناد، وهو مناف للحكمة التي لأجلها نصب الحكام. ثم إن الحاكم هو نائب لله تعالى، فهو مخبر عن الله بهذا الحكم الذي قضى به، وقد جعل الله له أن ما حكم به فهو حكمه، فهو كالنص الوارد من قبل الله تعالى في تلك الواقعة ([153] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn153)).

سادساً: وهذا القيد مبني على قاعدة أصولية وهي: " تجزؤ الاجتهاد " أو ما نسميه في عصرنا هذا: " التخصّص "، فجمهور الأصوليين على أن الاجتهاد ليس أمراً واحداً لا يقبل التجزئ والانقسام، بل قد يكون مجتهداً، أو متخصصاً في فن أو باب أو مسألة، دون فن أو باب أو مسألة ([154] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn154))، وإذا كان الأمر كذلك، كان على المفتي أن يراعي الفتاوى التي تصدر عن أهل الاختصاص، فلا يسارع إلى المعارضة والتشغيب، لاسيما إذا صدرت هذه الفتاوى من هيئات علمية عُرف حسن قصدها، وإخلاص علمائها، والغالب على هذه الهيئات أنها لا تصدر فتوى إلا بعد عرضها على من له صلة بها، كالأطباء إن كانت الفتوى تتعلق بمسألة طبية، أو الاقتصاديين إن كانت تتعلق بمسألة مالية.

سابعاً: أن المفتي إذا أتى شيئاً مما يظنه الناس شبهة وهو عنده حلال في نفس الأمر، فمن كمال دينه وحسن إنصافه أن يتركه، استبراءً لعرضه لحديث " فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه " وروى أن أنساً ([155] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn155)) رضي الله عنه خرج إلى الجمعة فرأى الناس قد صلوا ورجعوا فاستحيا ودخل موضعاً

لا يراه الناس فيه وقال: " من لا يستحي من الناس لا يستحي من الله " ([156] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn156)).

وإذا لم يكن تركاً وبعداً، فليكن إمساكاً عن الافتاء به، ونقله عن الأئمة، لاسيما إذا كانت المسألة من المستقبحات؛ لهذا يقول الإمام أحمد: " من أراد أن يشرب النبيذ فليشربه لوحده " ([157] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn157)) وكان رحمه الله يكره أن يحكي عن الكوفيين والمدنيين والمالكيين المسائل المستقبحة، مثل مسالة النبيذ، والصرف، والمتعة، وفحاش النساء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير