- كذلك من الفصيح الشائع في عامة البلاد العربية كسر نون المضارعة وتاء المضارعة نحو نستعين ونطمع ونشتري ونشهد وتستكبرون وتشهدون، وقد قرأ بها في القرآن الأعمش في رواية المطوعي عنه وهي لغة تميم وهذيل وأسد وربيعة، ولكن لهم بعض الشروط الصرفية في الفعل الذي يكسرون نونه أو تاءه.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[09 - 11 - 02, 05:58 م]ـ
أحسنت أخي الفاضل: أبا خالد، الحق معك فيما تعقَّبت به ... بارك الله فيك وجزاك خيراً.
=======================================
• قال أبو عمر السمرقندي: ما ذكرته سلفاً من بعض كلام أهل مكة وغيرهم مما احتملت أن يكون فيه ما سمَّيته قلباً لحرفٍ مكان حرفٍ؛ مثل قولهم: (كرَّات) مكان (كرَّاث) وغير ذلك = اصطلح اللغويون والنحويون على تسميته إبدالاً، وهم مختلفون فيه على وجوه.
• وإليك نقل موعبٌ في ذي المسألة المهمة:
• قال السيوطي في المزهر في علوم اللغة وأنواعها (1/ 460):
((النوع الثاني والثلاثون: معرفة الإبدال:
• قال ابن فارس في فقه اللغة: من سنن العرب إبدال الحروف، وإقامة بعضها مقام بعض؛ مدحه ومدهه، وفرس رفل ورفن.
وهو كثير مشهور قد ألف فيه العلماء.
فأما قوله تعالى: ((فانفلق فكان كل فرق كالطود))؛ فاللام والراء متعاقبان؛ كما تقول العرب: (فلق الصبح وفرقه).
وذكر عن الخليل - ولم أسمعه سماعاً - أنه قال في قوله تعالى: ((فجاسوا خلال الديار)): إنما أراد فحاسوا؛ فقامت الجيم مقام الحاء. وما أحسب الخليل قال هذا. انتهى.
• وممن ألَّف في هذا النوع ابن السكيت وأبو الطيب اللغوي.
• قال أبو الطيب في كتابه: ليس المراد بالإبدال أنَّ العرب تتعمَّد تعويض حرف من حرف، وإنما هي لغات مختلفة، لمعان متفقة، تتقارب اللفظتان في لغتين لمعنى واحد، حتى لا يختلفا إلا في حرف واحد، قال: والدليل على ذلك أن قبيلة واحدة لا تتكلم بكلمة طورا مهموزة وطورا غير مهموزة، ولا بالصاد مرة وبالسين أخرى.
وكذلك إبدال لام التعريف ميماً، والهمزة المصدرة عيناً؛ كقولهم في نحو: أن = عن.
لا تشترك العرب في شيء من ذلك؛ إنما يقول هذا قوم وذاك آخرون. انتهى.
• وقال أبو حيان في شرح التسهيل: قال شيخنا الأستاد أبو الحسن بن الصائغ: قلَّما تجد حرفاً إلا وقد جاء فيه البدل ولو نادراً.
• وقال أبو عبيد في الغريب المصنف باب المبدل من الحروف: مدهته أمدهه مدهاً؛ يعني: مدحته، واستأديت عليه مثل استعديت، والأيم والأين: الحية، وطانه الله على الخير وطامه؛ يعني: جبله، وفناء الدار وثناء الدار بمعنى، وجدث وجدف للقبر، والمغافير والمغاثير، وجذوت وجثوت؛ والجذو: أن تقوم على أطراف الأصابع، ومرث فلان الخبز في الماء ومرده ... )).
• إلى أن قال: ((وهذه أمثلة من كتاب الإبدال ليعقوب بن السكيت ... ))، ثم ساق أمثلة طويلة من كتابه.
إلى أن قال: ((وفي الصحاح: قد يبدلون بعض الحروف ياء؛ كقولهم في أما أيما، وفي سادس سادي، وفي خامس خامي.
• وفي ديوان الأدب للفارابي: رجل جضد؛ أي: جلد؛ يجعلون اللام ضاداً مع الجيم إذا سكنت اللام، والزقر لغة في الصقر، والسقر لغة فيه.
وكذلك يفعلون في الحرف إذا كانت فيه الصاد مع القاف؛ يقال: اللصق واللسق واللزق، والبصاق والبساق والبزاق.
ومثله الصاد مع الطاء يقال: صراط وسراط وزراط، والسطر والصطر: الخط والكتابة.
• وقال أبو عبيد في الغريب المصنف: تدخل الزاي على السين، وربما دخلت على الصاد أيضاً إذا كان في الاسم طاء أو غين أو قاف.
ولا يكون في غير هذه الثلاثة نحو الصندوق والسندوق والزندوق، والمصدغة والمسدغة.
• وقال ابن خالويه: إذا وقع بعد الصاد دال أبدلوها زاياً؛ مثل: يصدر ويزدر، والأصدران والأسدران والأزدران: المنكبان.
• وقال ثعلب في أماليه: إذا جاءت الصاد ساكنة، أو كان بعدها طاء، أو حرف من السبعة المطبقة والمفردة = جعلت صاداً أو سيناً أو زاياً، أو ممالة بين الصاد والزاي؛ أربعة.
• وفي الصحاح يقال: ما كدت أتملز من فلان وأتملس وأتملص؛ أي: أتخلص.
• وفي الجمهرة يقال: نشزت المرأة ونشصت ونشست.
• ونظير هذه الأحرف الثلاثة؛ أعني: الزاي والسين والصاد في التعاور: التاء والدال والطاء.
• قال القالي في أماليه: يقال: هرت الثوب وهرده وهرطه: ثلاث لغات.
وفي الجمهرة: المد والمت والمط = متقاربة في المعنى، وفي غيرها يقال: ترياق ودرياق وطرياق.
•• خاتمة: قال القالي في أماليه - بعد أن سرد جملة من ألفاظ الإبدال -: اللغويون يذهبون إلى أن جميع ما أمليناه إبدال وليس هو كذلك عند علماء أهل النحو، وإنما حروف الإبدال عندهم اثنا عشر حرفاً؛ يجمعها قولك: (طال يوم أنجدته).
• وقال البطليوسي في شرح الفصيح: ليس الألف في الأرقان ونحوه مبدلة من الياء، ولكنها لغتان.
• ومما يدل على أن هذه الأحرف لغات ما رواه اللحياني؛ قال: قلت لأعرابي: أتقول: (مثل حنك الغراب)، أو (مثل حلكه)؟؛ فقال: لا أقول مثل حلكه. حكاه القالي)).
¥