الثالثة - التحرر من أجزاء الرسالة بالزيادة عليها والنقص منها جميعًا معًا، وهو ما كان في المعارضات الأولى والثانية والخامسة والسادسة بنسبة (40%).
الرابعة - التحررمن أجزاء الرسالة بالزيادة عليها دون النقص منها، وهو ما كان في المعارضة الثالثة بنسبة (10%).
الخامسة - التحرر من أجزاء الرسالة بالنقص منها دون الزيادة عليها، وهو ما كان في المعارضة الرابعة والسابعة بنسبة (20%).
إن غلبة الحال الثالثة على أبي سرور تشهد لأخذه المعارضة أخذا خفيفًا جزئيًّا سماعيًّا، ولا عجب؛ فهو ربيب مجالس الأدب وأخو منتديات مذاكرة الإخوان (70).
وإن جمع الأحوال الثانية والرابعة والخامسة، ليشهد بضيقه بالتقيد المحكم القاسي الذي انحصر في الحال الأولى.
وسائل القصيدة
{26} ثم ينبغي لدارس المعارضات والتخميسات كذلك، أن يتفقد من وسائل أداء الرسالة: كيف كانت في القصيدة السالفة، ثم كيف صارت في القصيدة الخالفة، ما يتبين به حقيقة عمل الخالف الفني بين التقيد والتحرر، فيضعه موضعه ويقدره قدره. ولقد اخترت للمقارنة ظواهر أسلوبية دالة مختلفة بين المعارضة والتخميس لاختلاف طبيعتيهما؛ فإنه لما كانت الخالفة في المعارضة تجارى السالفة، وفي التخميس تتضمنها، جاز أن أبحث في المعارضة دون التخميس، نوع الجملة وطولها وامتدادها ونوع كلمة القافية: كيف كانت في السالفة ثم كيف صارت في الخالفة؟، وأن أبحث في التخميس دون المعارضة، علاقة التركيب اللغوي في البيت القديم العمودي ذي الشطرين، القبلية (بما سبق في القصيدة) والبعدية (بما لحق في القصيدة): كيف كانت في السالفة ثم كيف صارت في الخالفة؟
{27} أما مجال المقارنة في التخميس فكالشمس وضوحًا فحسمًا، وأما مجالها في المعارضة فينبغي أن يكون الأبيات التي اتحد بينها جزء الرسالة في الخالفة وفي السالفة – مما وضحه الجدول الأول – على أن يراعى في اختيارها تمثيل أجزاء الرسائل المتحدة في أزواج المعارضات كلها، وتناسبها قدر المستطاع، لتتم للمقارنة شروطها كما تمت لها دواعيها (71).
ولقد رأيت بالنظر الطويل أن تكون أبيات المقارنة هي أبيات المدح من الأوليين (12خ "أي من الخالفة" بنسبة 60%، إلى 8س "أي من السالفة" بنسبة 21.62%)، وأبيات الفخر من الثانيتين (10خ=21.27% إلى 72س=76.59%)، وأبيات الحكمة من الثالثتين (18خ=62.06% إلى 2س=4.34%)، وأبيات الغزل من الرابعتين (16خ=100% إلى 13س=23.63%)، وأبيات الشوق من الخامستين (30خ=78.94% إلى 16س=21.91%)، وأبيات الأسف من السادستين (13خ=23.21% إلى 17س=20.48%)، وأبيات الحكمة من السابعتين (30خ=88.23% إلى 6س=14.63%)، وأبيات الرثاء من الثامنتين (70خ=81.39% إلى 52س=81.27%). ثم بان لي غلبة التفاوت بين نسبتي طرفي الأزواج، الراجع لاختلاف مكانتي جزأي الرسالتين اللذين فيهما، في قصيدتيهما؛ فجزءٌ قَلْب كالذي في أبيات خالفة الأوليين، وجزءٌ شَوًى (غير قلب) كالذي في أبيات سالفة الأوليين، وهكذا؛ فرأيت أن أصطفي من تلك الأزواج سادستيهما اللتين في الأسف، وثامنتيهما اللتين في الرثاء، لما بين طرفي كل منهما من تناسب تريده المقارنة ويقبلها.
نوع الجملة
{28} إن ترديد النظر في الجداول الثالث والرابع والخامس والسادس، المبنية على أهمية دلالة نوع الجملة على الأسلوب وأن نوعها بنوع كلا ركنيها جميعًا لا أحدهما وحده، أفضى إلى هاتين الملاحظتين:
الأولى - وافقت الخالفتان السالفتين في أول ميلهما؛ إذْ كان في السادستين والثامنتين جميعًا "مضارع، وضمير متكلم".
الأخرى – خالفت الخالفتان السالفتين في ثاني ميلهما؛ إذْ كان في السالفة السادسة "مضارع، وضمير مخاطب"، وفي السالفة الثامنة "ماض، وضمير متكلم"، و "ماض، ونكرة"، فصار في الخالفة السادسة "معرف بأل، واسم إشارة"، وفي الخالفة الثامنة "أمر، وضمير خطاب".
أما الملاحظة الأولى فتوضح من جهة قرب الرثاء من الأسف؛ ففي كل منهما الحزن مقيم، وتوضح من جهة أخرى سيرورة روح القصيدة السالفة في الخالفة، وأن الأصل الذي خضعت له الأولى لم تستطع الأخرى الانخلاع منه لطبيعيّته:
قالت السالفة السادسة:
" يا نائح الطلح أشباه عوادينا نشجى لواديك أم نأسى لوادينا "
فقالت خالفتها:
¥