تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" لكننا لم ندان اليأس في غرض بل الرجاءَ نؤاخي في أمانينا "

وقال السالفة الثامنة:

" أبكي صباك ولا أعاتب من جني هذا عليه كرامة للجاني "

فقالت خالفتها:

" تستقبل الإخوان مسرورًا بهم وعلى ضلوعك مرجل الأحزان "

فالآسِفُ والمتفجِّع كلاهما متعلق بالبَثّ، ليساعده أهله وإخوانه قديمًا كان أم حديثًا، ولكن بلسان حال الخالف قال الشاعر:

" ولكن بكت قبلي فهيج لي البكا بكاها فقلت الفضل للمتقدم "!

وأما الملاحظة الأخرى فتوضح اجتهاد الخالف أن ينحو نحوًا خاصًّا به ويضع

علامته:

قالت السالفة السادسة:

" تجر من فنن ساقًا إلى فنن وتسحب الذيل ترتاد المؤاسينا "

فقالت خالفتها:

" وذا هو الآخر الثاني ينادينا هذا هو القدس في الأغلال يا سينا "

وقالت السالفة الثامنة:

" شقت لمنظرك الجيوب عقائل وبكتك بالدمع الهتون غواني ...

ورأيتُ كيف تموت آساد الشرى وعرفت كيف مصارع الشجعان

ووجدت في ذاك الخيال عزائمًا ما للمنون بدكهن يدان "

فقالت خالفتها:

" أموا لزمزم حبه وتطوفوا متضرعين له من الرحمن

وتلمسوا حجر التوسل والمنى لا خاب راجي الله في إحسان "

فإن لكل شاعر فيما يسير فيه من بنيات الطريق دون أَمَمه، لشأنًا؛ فأما السالف في السادسة فراح يطرح أسفه على طائر في المكان، وأما خالفه فراح يشير إلى مآسف أخرى، وأما السالف في الثامنة فعرض لأثر الفجيعة بالراحل العظيم في الناس وهو منهم، وأما خالفه فقد شفعت له صداقته بالراحل العزيز، أن يوصى أهله بما ينبغي أن يَبَرّوه به.

طول الجملة

{29} لما اتحد بين طرفى المقارنة بحراهما العروضيان، وظهرت حدود جملهما، صلحت التفاعيل مقياسًا لطول الجملة، فأطْلعنا الجدول السابع على ما يلي:

أولاً - كانت الجملة في الخالفتين أقصر منها في السالفتين.

ثانيًا - كان فارق طول جملة الخالفة عن طول جملة السالفة، في الثامنتين أيسر جدًّا منه في السادستين.

لقد كان صاحب السالفتين واحدًا عفوًا، وصاحب الخالفتين واحدٌ قصدًا، ولكل شاعر طريقته التي يملأ بها فضاء أبياته، وقد تبين أنها طريقة مستمرة على أنحاء

متقاربة:

قالت السالفة السادسة:

" رسم وقفنا على رسم الوفاء له نجيش بالدمع والإجلال يثنينا

لفتيةٍ لا تنال الأرض أدمعهم ولا مفارقهم إلا مصلينا

لو لم يسودوا بدين فيه منبهة للناس كانت لهم أخلاقهم دينا "

فقالت خالفتها:

" أين الألى من رجال العلم واأسفا بفقدهم أصبح الإسلام محزونا

وأين قرطبة مَن مثل أحمدها بها نقيم له الذكرى ميادينا

وأين مسجدك المشهور وا ألمي قد بات في يد أهل الشرك يشكونا "

وقالت السالفة الثامنة:

" يا طاهر الغدوات والروْحات والخطرات والإسرار والإعلان

هل قام قبلك في المدائن فاتح غاز بغير مهند وسنان

يدعو إلى العلم الشريف وعنده أن العلوم دعائم العمران "

فقالت خالفتها:

"يا شيخ من خلفت في حفظ الوفا ومكارم الأخلاق والإحسان

يا شيخ من ذا يلتقي بمحمد وسعاد من شوق عليك تعاني

من ذا لإسماعيل إن سمحت به أرض الحجاز طويلة الأغصان "

إنه إذا كان السالف في السادسة قد حذف المبتدأ ثم أقبل ينعت الخبر، على نهج عربي قديم (72)، نعتين أحدهما جملة فعلية والآخر شبه جملة حرفي، ثم أقبل ينعت المجرور من شبه الجملة الحرفي نعتين جملتين فعليتين، وفي الثامنة قد استعمل جملة النداء الفعلية بمنادى مضاف، ثم أقبل يعطف على المضاف إليه أربعة معطوفات، ثم ثنى بجملة فعلية علق بفعلها متعلقين وبفاعلها نعتين، فاستطال بخبرته ومقدرته - فإن خالفه في السادسة قد اعترض الجمل الإسمية الثلاث بجملة النداء الفعلية، مرتين، وبجملة الاستفهام الاسمية مرة، وفي الثامنة قد قدم جملة النداء الفعلية، مرتين، قبل جملتي الاستفهام الفعلية ثم الاسمية، وقدم جملة الاستفهام القصيرة قبل جملة الشرط الفعلية، فكان يصيب فائدة تارة، كما في "من مثل أحمدها" الذي يزيد الأسف ويوضح الانتساب إلى قرطبة، وفي "من ذا لإسماعيل" الذي يوغل في التفجع، وكان يخطئها تارة، فيخرج إلى الحشو الظاهر، كما في "وا أسفا"، و"وا ألمي"، و"يا شيخ"، فيقع بقلة حيلته بين فكّي رحًى عَروك.

امتداد الجملة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير