الأولى - إكمال نقص السابق، وفيها تكون كلمة القافية العنصر الأساس الآخر الذي يكمل العنصر الأساس الأول، أو العكس متى قدم الشاعر وأخر. ومن هذه المنزلة في الجدول الثاني عشر النوعان (4،7)، وفي الجدول الثالث عشر الأنواع (3،5،6). وهي مقياس عادل لإحكام الشعراء شعرهم.
الثانية - زيادة كمال السابق أو زيادة نقصه، وفيها تكون كلمة القافية العنصر الفرع الذي يتعلق بأساس أو فرع آخر من جملته. ومن هذه المنزلة في الجدول الثاني عشر الأنواع (1،3،5،6)، وفي الجدول الثالث عشر الأنواع (1،2،7). وهي مقياس عادل لمجاهدة الشعراء في شعرهم.
الثالثة - إضافة بعض اللاحق، وفيها تكون كلمة القافية العنصر الأساس الأول في جملة جديدة، على أن يكون العنصر الآخر منها في البيت التالي، وهذا هو "التضمين" السابق ذكره في الفقرة الثلاثين. ولم يقع منها شيء في الجدولين كليهما. وهي مقياس عادل لإغراب الشعراء بشعرهم.
الرابعة - إضافة كل اللاحق، وفيها تكون كلمة القافية العنصر الأساس الأول من الجملة، على أن يكون مستغنيًا عن ذكر العنصر الأساس الآخر، باستتاره فيه أو حذفه بعده، أو تكون كلمة القافية فرعًا متعلقًا بالأساسين المحذوفين بعده. ومن هذه المنزلة في الجدول الثاني عشر النوع (2)، وفي الجدول الثالث عشر النوع (4). وهي مقياس عادل لشجاعة الشعراء في شعرهم.
ولقد أفضى استيعاب معطيات الجدولين إلى ترتيب منازل كلمة القافية في السالفتين، على النحو التالي:
الأولى - زيادة كمال السابق أو زيادة نقصه، بمتوسط نسبة (74.75%).
الثانية - إكمال نقص السابق، بمتوسط نسبة (16.14%).
الثالثة - إضافة كل اللاحق، بمتوسط نسبة (8.76%).
وفي خالفتيهما، على النحو التالي:
الأولى - زيادة كمال السابق أو زيادة نقصه، بمتوسط نسبة (68.78%).
الثانية - إضافة كل اللاحق، بمتوسط نسبة (16.80%).
الثالثة - إكمال نقص السابق، بمتوسط نسبة (12.96%).
لقد تصدرت "زيادة كمال السابق أو زيادة نقصه" منزلة لكلمة القافية في القصائد كلها:
قالت السالفة السادسة:
" كل رمته النوى ريش الفراق لنا سهما وسل عليك البين سكينا "
فقالت خالفتها:
" وأين قرطبة مَنْ مِثْلُ أحمدِها بها نقيم له الذكرى ميادينا "
وقالت السالفة الثامنة:
" يا طاهر الغدوات والروحات والخطرات والإسرار والإعلان "
فقالت خالفتها:
" يا آل إبراهيم إن عزاءكم لعزاؤنا في السر والإعلان "
فكما بالغت السالفة السادسة في المعنى بزيادة الحال "سكينا"، بالغت خالفتها بزيادة الحال "ميادينا"، وكما بالغت السالفة الثامنة في المعنى بزيادة المعطوف "الإعلان"، حذت خالفتها حذوها حتى لقد نقلت عنها، وإن كان الذي فيهما جميعًا تعبيرًا سياقيًّا يطلب أوله (المعطوف عليه) آخره (المعطوف).
وإن في ذلك لدليلا لغلبة المجاهدة على الشاعر العربي في كل زمان ومكان (80).
ولقد غابت "إضافة بعض اللاحق" من منازل كلمة القافية في القصائد كلها، فتبين سير الخالف على نهج السالف وسير السالف على نهج الشاعر العربي القديم وتمسكه بذوقه الفني.
ولقد اختلفت المنزلتان الباقيتان، بين السالفتين وخالفتيهما، فتقدمت في السالفتين منزلة "إكمال نقص السابق"، وتقدمت في الخالفتين منزلة "إضافة كل اللاحق":
قالت السالفة السادسة:
" نسقي ثرائهم ثناء كلما نثرت دموعنا نُظمت منها مراثينا "
فقالت خالفتها:
" يشكو إلينا ولكن من يناصره مات المناصر إلا من يغنّونا "
وقالت السالفة الثامنة:
" يزجون نعشك في السناء وفي السنا فكأنما في نعشك القمرانِ "
فقالت الخالفة:
" يا أم يا أماه ها ذاك الذي ذبح النفوس ولا طبيب شفاني "
فإذا كانت السالفة السادسة قد راعت كلمة القافية ومهدت لها بتقديم نائب الظرف وما أضيف إليه "كلما ... " على فعله "نظم"، وبتقديم الجار والمجرور "منها" إلى جوار فعلهما نفسه، ليأتي نائب الفاعل المضاف إلى ضمير المتكلمين "مراثينا" كلمة القافية، فتشتد علاقة آخر البيت بما قبله - فإن خالفتها لم تراع ذلك ولم تُمَهِّدْ له، بل مرت في البيت سادرة مجترئة، حتى إذا ما أوشك، أنشأت في المأزق جملة الصلة الفعلية المضارعية "يغنونا" من الفعل المشتمل على فاعله. وإذا كانت السالفة الثامنة قد راعت كلمة القافية ومهدت لها بتقديم الخبر
¥