تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

شبه الجملة "في نعشك"، ليأتي المبتدأ "القمران" كلمة القافية، فتشتد علاقة آخر البيت بما قبله - فإن خالفتها لم تراع ذلك ولم تمهِّدْ له، بل مرت في البيت سادرة مجترئة، حتى إذا ما أوشك، أنشأت في المأزق جملة فعلية "شفاني" من فعل مشتمل على فاعله متصل بمفعوله ضمير المتكلم، خبرًا (للا) تصلح نعتًا (لطبيب) بتأوّل.

إن فيما صنعته الخالفتان لدليلا لإيثارهما الشجاعة على الإحكام الذي آثرته السالفتان، وتمسكًا بنهج الشاعر العماني المعاصر (81).

علاقات الأبيات

{32} إن مقارنة العلاقات النحوية لكل بيت من الأبيات التي خمسها أبو سرور، تفضي - كما بين الجدول الرابع عشر الأخير - إلى الملاحظات التالية:

أولا - لم يقع أن كانت علاقة البيت القبلية والبعدية جميعًا معًا، متصلة في السالفتين (قصيدتي البارودي وأبي وسيم)، فانقطعت في الخالفتين (قصيدتي أبي سرور).

ثانيًا - لم يقع أن كانت علاقة البيت القبلية والبعدية جميعًا معًا، منقطعة في السالفتين، فاتصلت في الخالفتين.

ثالثًا - وقع أن كانت علاقة البيت القبلية وحدها، متصلة في السالفة، فانقطعت في الخالفة، في البيت السادس من الوسيمية وحده.

قال أبووسيم:

"5 - فيادردم في لج بحرك ساكنًا وأنت له يا فكر لا تبغ معبرا

6 - فحتام أحسو الماء فيهم بعلقم ويشرب حولي الناس ماء وسكرا "

فقال أبو سرور:

"6 - فحتام أهوى عزة لغَشَمْشَمِ

وأهوى له تقدير ملك معظم

بذلت حياتي خير بَرّ مكرّمِ

فحتام أحسو الماء فيهم بعلقم ويشرب حولي الناس ماء وسكرا "

ففي حين عطف أبو وسيم جملة الطلب الاستفهامية في البيت السادس، على جملة الطلب الأمرية في البيت الخامس - قطع أبو سرور جملة الطلب الاستفهامية، عن جملة الخبر الفعلية قبلها، واستأنف.

رابعًا - وقع أن كانت علاقة البيت البعدية وحدها متصلة في السالفة، فانقطعت في الخالفة، في الأبيات الثالث والعاشر والسادس عشر والتاسع عشر من البارودية، وفي الأبيات الثاني والثالث والحادي عشر من الوسيمية.

قال البارودي:

"18 - ولابد من يوم تَلاعب بالقنا أسود الوغى فيه وتمرح جُرْدُهُ

19 - يمزق أستار النواظر برقه ويقرع أصداف المسامع رعده

20 - تدبر أحكام الطعان كهوله وتملك تصريف الأعنة مرده "

فقال أبو سرور:

"19 - ولابد من يوم يسرك شرقه

غداة يلاقي الغرب ثم يشقه

وتلقى به صهيون ما تستحقه

يمزق أستار النواظر برقه ويقرع أصداف المسامع رعده

20 - فيالك من يوم تسيل سيوله

دماء الأعادي والأسنة غيله

يقوم على الأعداء بالقطع جيله

تدبر أحكام الطعان كهوله وتملك تصريف الأعنة مُرْدُهُ ".

ففي حين عدد البارودي نعوت "يوم" في البيت الثامن عشر، فوصل بينها حتى إن من شاء عطفها كلها بعضها على بعض - قطع أبو سرور جملة الخبر الفعلية، عن جملة التعجب الفعلية بعدها، واستأنف، فإن كان استعمل الفاء، فلما توحي به من معنى السببية

خامسًا - وقع أن كانت علاقة البيت القبلية وحدها، منقطعة في السالفة، فاتصلت في الخالفة، في الأبيات الأول والخامس والتاسع والثامن عشر من البارودية، والثاني والخامس والسابع والثامن والتاسع والحادي عشر من الوسيمية.

قال أبو وسيم:

" 8 - ورب صغير دون قدري قدره يرى نفسه من طور سيناء أكبرا

9 - قصرت على دين الإله تواضعي وأوسعت أهل الكبر مني تكبرا "

فقال أبو سرور:

" 9 - تراني صلبا في جميع المواضع

ولست لمغرور النفوس بخاضع

شموخي على العاتين أقصى تخاضعي

قصرت على دين الإله تواضعي وأوسعت أهل الكبر مني تكبرا "

ففي حين قطع أبو وسيم حديثه عن نفسه بالجملة الفعلية، عن حديثه عن غيره بالجملة الإسمية - عدد أبو سرور مفاعيل "ترى" فوصل بينها حتى إن من شاء عطفها كلها بعضها على بعض.

سادسًا - لم يقع أن كانت علاقة البيت البعدية وحدها، منقطعة في السالفة، فاتصلت في الخالفة.

إن ضم الملاحظة الثانية إلى الأولى، يوضح أنه كان صعبًا على أبي سرور أن يقلب أمر الأبيات بتخميسه لها، رأسًا لعقب، فيذيبها في قصيدته لتصير لبنة في جدارها أو موجة في بحرها، أو لتنخلع من حالها الأولى إلى حال أخرى لم تكن لها في أُمّها، فيُنْسى ما كانت عليه ويذكرَ ما صارت إليه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير