*** أ: أن التراضي لا يحصل إلا بالقول، أي بالإيجاب والقبول، وهذه مشكلة في زماننا، لأن بعض المعاملات المالية الضخمة تجري في البورصة مثلا بلا إيجاب ولا قبول لفظي، بل عن طريق الحاسوب في شبكة عالمية دولية، بوسائل لها قوة الإيجاب والقبول اللفظي بل أقوى منه وأوثق.
... ب: أن التراضي يكون بالقول في الأصل، ويجوز بالفعل في الأمور التي يكثر عليها التعاقد، وهذا تسامح من بعض الفقهاء من أصحاب القول الأول، ومثال ذلك أن تعطي الخباز النقود فيعطيك الخبز وكلاكما صامت، وأن تركب سيارة أجرة والتعرفة معلومة فتدفع وأنت صامت، وكذا ما سبق عن آلات بيع المرطبات، فمثل هذا يسميه الفقهاء المعاطاة، ويقولون هؤلاء إن ما كثر التعاقد عليه من الأمور الحياتية اليومية يصح البيع فيها بالمعاطاة، ولا يشترط الإيجاب والقبول اللفظي.
... ج: أن التراضي يكون بكل ما يدل عليه من قول أو فعل، وهو قول شيخ الإسلام ابن تيميه، وكان شيخ الإسلام ذا شخصية عبقرية، وقد كان دائما يسبق الأحداث، فكأنه كان يعيش خارج عصره.
&&&ومن الأمثلة على ذلك، التعاملات عن طريق البورصة كما سبق، حيث تقع في لحظات بل ثوان، بنظام متفق عليه بين الشركات والمتعاقدين يدل على الرضى، فهي كلها صحيحة لا إشكال فيها، وقد دخل في هذا الحكم ـ أعني صحة البيع بالمعاطاة في كل ما يدل على الرضى من قول أو فعل ـ كل ما يأتي الزمان به مستقبلا من صور قد نجهلها الآن.
ولكن يجب أن يسبق هذا اتفاق بين الشركات وبين البائع والمشتري على نظام محدد يعبر عن الرضى، كرقم الفيزا على الإنترنت الذي يعبر عن صاحبه، ولو لم يكن راضيا لم يضع رقمه عند شراء السلعة، وفي بعض المعاملات قد تعطي هذا الرقم على الهاتف معبرا عن الرضى، وهكذا، فالمهم أن يكون ثمة وسيلة ما تحقق هذا الشرط بين المتعاقدين، ولا يشترط الإيجاب والقبول اللفظي.
... 2 – شرط الرشد:
ــــــــــــ
والعلماء يستثنون من اشتراط الرشد، بيع المميز في الأمور التي جرى العرف عليها، مثال ذلك: لو قال ولد مميز لأبيه: أنا بعت بيتنا لفلان، فهذا لا يصح، ولكن إذا باع الحلويات في بقالة أبيه فهذا حسب العرف يصح.
والسفيه ليس براشد فلا يصح بيعه، والسفيه هو الذي يتصرف في ماله بطريقة تدل على أنه غير راشد فيحجر عليه، والحاصل أنه يجب أن يكون التعامل بين طرفين راشدين، فإن قيل فكيف بالتعامل مع الآلة، وكيف يتحقق شرط الرشد فيها، والجواب أن التعامل هنا في الأساس مع الشركة التي وضعت الآلة، وليست الآلة سوى وسيلة للقبض فقط.
... 3 – الشرط الثالث أن يكون المبيع مالا:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
والمال هو كل ما شرع الإسلام بأنه مال مباح يجوز تملكه، فكل محرم في الإسلام هو غير محترم، وليس بمال، ولا يجوز التعاقد عليه وحتى لو كسرته أو أرقته لا تضمنه شرعا، لأنه لا قيمة له كالآلات الطرب، واشتراط أن يكون المبيع مالا، قضية مهمة جدا في المعاملات المعاصرة.
ومن أمثلة ذلك:
ـــــــــ
&&& بيع الأعضاء البشرية، وهو الآن سوق رائجة، وله شركات عالمية تبيع وتشتري في الدول الفقيرة ولكل سلعة سعر، فهل يصح هذا؟؟ والصحيح أنه لا يصح لأن الأعضاء ليست مالا بل هبة من الله لك.
ولكن هنا مسألة مهمة , هي أنه قد عرض على هيئة كبار العلماء في السعودية قضية شراء الجثث للتعلم في الطب، وهي ضرورة ملحة، وهذه المسألة من النوازل، ولهذا فلا بد من وجود علماء في المسلمين، يكون لديهم إحاطة بأمرين مهمين:
... الأول: القواعد الشرعية العامة التي أطر الشريعة الإسلامية.
... الثاني: النصوص.
ذلك أنه فهم النص في سياق القواعد الشرعية، يختلف عن فهمه مقطوعا عن ذلك، فالأول يثمر الفهم الصائب، والثاني يثمر فهما خاطئا.
فكانت الإجابة من كبار العلماء بأنه لا يجوز شراء جثة المسلم ولا استعمالها في التعليم لحرمة المسلم، بينما يجوز استعمال جثة الكافر للتعليم من باب ارتكاب أخف الضررين، وهذه فتوى صحيحة، فالكافر ليس له حرمة المسلم.
&&&ومن الأمثلة على ذلك أنه لا يجوز بيع الدم لأنه نجس فهو ليس بمال، ولا الكلب لأنه محرم والمحرم ليس بمال، وقيل يجوز، إن جاز استعماله
¥