تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والحنابلة هنا لا يجيزون أكثر من شرط من النوع الثالث، ويقولون إن شرط أكثر من شرط، بطل البيع، ولكن الصحيح أنه لا يبطل، وله أن يشترط أكثر من شرط من النوع الثالث، وهم قد استدلوا بحديث ((لا يحل سلف وبيع و شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولابيع ما ليس عندك)) رواه الخمسة من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه، إلا ابن ماجة فله منه (ربح مالم يضمن وبيع ما ليس عندك) وسنبين معناه قريبا إن شاء الله تعالى.

... وننبه هنا إلى أمر مهم جدا: وهو أن كثيرا من العلماء يعتبرون الشروط في الأصل باطلة، وهذا يسبب إشكاليات كثيرة في هذا العصر، فالمعاملات الحالية مليئة بالشروط، وتتم صفقات بين دول بشروط وبنود كثيرة ودقيقة للغاية، فإذا جعلنا الأصل في الشروط أنها محرمة فهذا سيكون سببا في حرج شديد، وسنأتي بعد قليل على هذه النقطة بمزيد إيضاح.

... أما الشروط الفاسدة فقسمت إلى:

ـــــــــــــــــــــ

... 1 – شرط يبطل العقد من أصله، كاشتراط أحدهما على الآخر عقدا أخر، كسلف أي سلم، وقرض، وبيع وإجارة ونحو ذلك.

... 2 – فاسد يبطل الشرط ويصح العقد، أي يصح معه البيع، كأن يشترط أن لا خسارة عليه، أو متى نفق وإلا رده، أو لا يبيع السلعة، أو لا يهبها، أو أن يبيعها على فلان، أو يهبها لفلان، فهنا عند جمهور العلماء، يبطل الشرط وحده، ويصح العقد، وسيأتينا أن الصحيح صحة هذه الشروط.

... 3 – ما لا ينعقد معه العقد، كقوله بعتك إن رضي فلان،أو إن جئتني بكذا.

... هذا هو التقسيم المشهور، غير أن ثمة نزاع في كثير من أنواع القسم الثاني ـ قسم الشرط الفاسد ـ، وجمهور العلماء يجعلون الأصل في الشروط التحريم، فلا يباح منها إلا بدليل، ولهذا فقد جعلوا كثيرا من الشروط التي فيها مصلحة للمتعاقدين أو أحدهما، فاسدة، وبعضهم أجاز الشرط الواحد ومنع أكثر منه، وكل ذلك فيه نظر.

وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنه لا يصح القول بأن الأصل في الشروط التحريم، وقال: إن الصحيح أن الأصل في الشروط في البيع الإباحة ما لم يرد نص بالتحريم.

&&& ومثال على ذلك: لو باعك بائع السلعة وشرط أن لا تبيعها لغيرك، إلا بعد أن تعرضها عليه، أو اشتريت سلعة بشرط إن نفقت وإلا رددتها على البائع، فالأصل إباحة هذه الشروط وتلزم بالعقد، وكذلك إذا شرط المشتري على البائع أكثر من شرط ولكنها مباحة في الأصل، كل ذلك جائز وصحيح ولازم، لانه لم يرد نص في تحريمها.

وقد أورد العلماء القائلون بأن الأصل في الشروط التحريم عدة أدلة:

... 1– منها حديث ((كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط))

... 2– حديث (نهى عن بيع وشرط).

... 3 – حديث ((نهى عن بيع وسلف وعن شرطين في بيع)).

ورد عليهم شيخ الإسلام ابن تيميه بما يلي:

... قال رحمه الله (القول الثاني أن الأصل في العقود والشروط: الجواز والصحة ولا يحرم منها ويبطل إلا مادل الشرع على تحريمه وبطلانه، نصا أو قياسا، عند من يقول به، وأصول أحمد المنصوصة عنه: أكثرها يجري على هذا القول ومالك قريب منه،ولكن أحمد أكثر تصحيحا للشروط، فليس في الفقهاء الأربعة أكثر تصحيحا للشروط منه .... هذا القول هو الصحيح: بدلالة الكتاب والسنة، والإجماع، والاعتبار مع الاستصحاب، وعدم الدليل المنافي.

أما الكتاب فقد قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) والعقود هي العهود، وقال تعالى: (وإذا قلتم فاعدلوا ولوكان ذا قربى وبعهد الله أوفوا) وقال تعالى (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا) فقد أمر الله بالوفاء بالعقود، وهذا عام، وكذلك أمر بالوفاء بعهد الله وبالعهد، وقد دخل في ذلك ما عقده المرء على نفسه، بدليل قوله تعالى (ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل) فدل على أن عهد الله يدخل فيه ما عقده المرء على نفسه، وإن لم يكن الله قد أمر بنفس ذلك المعهود عليه قبل العهد، كالنذر والبيع، إنما أمر بالوفاء به، وهذا قرنه الصدق في قوله (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا) ... وإذا كان جنس الوفاء ورعاية العهد مأمورا به ن علم أن الأصل صحة العقود والشروط، إذ لامعنى للتصحيح إلا ما ترتب عليه أثره، وحصل به مقصوده، ومقصود العقد: هو الوفاء به، فإذا كان الشارع قد أمر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير