تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بمقصود العهد، دل على أن الأصل فيها الصحة والإباحة)

وأجاب على الاحتجاج بحديث (ليس في كتاب الله) بقوله: (وأما قوله صلى الله عليه وسلم (من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، كتاب الله أحق، وشرط الله أوثق) فالشرط يراد به المصدر تارة، والمفعول أخرى، وكذلك الوعد والخلف، ومنه قولهم درهم ضرب الأمير، والمراد به هنا ـ والله أعلم ـ المشروط، لانفس المتكلم، ولهذا قال: (وإن كان مائة شرط) أي: وإن كان مائة مشروط، وليس المراد تعديد التكلم بالشرط، وإنما المراد تعديد المشروط، والدليل على ذلك قوله: (كتاب الله أحق، وشرط الله أوثق، أي: كتاب الله أحق من هذا الشرط، وشرط الله أوثق منه، وهذا إنما يكون إذا خالف ذلك الشرط كتاب الله وشرطه، بأن يكون المشروط مما حرمه الله تعالى، وأما إذا كان المشروط مما لم يحرمه الله تعالى، فلم يخالف كتاب الله وشرطه ...... فمضمون الحديث: ان المشروط إذا لم يكن من الأفعال المباحة، أو يقال: ليس في كتاب الله: أي ليس في كتاب الله نفيه، كما قال (سيكون أقوام يحدثونكم بما لم تعرفوا أنتم ولا آباؤكم) أي: بما تعرفون خلافه، وإلا فما لا يعرف كثير) مجموع الفتاوى 29/ 132ـ161

ومعنى كلامه أن مقصود حديث (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل) أي كل مشروط حرمته الشريعة، فهو باطل، وليس مقصوده أن كل شرط زائد على العقد محرم إلا ما كان منصوصا عليه.

... أما الحديث الثاني: وهو حديث (نهى عن بيع وشرط) فهو حديث لا أصل له فلا يحتج به.

... أما الحديث الثالث: وهو حديث (نهى عن شرطين في بيع) قال ابن القيم: إن الصحيح أن الشرطين في البيع هما البيعتان في البيعة، وهو بيع العينة، وهو أن يحتاج الشخص للنقد، فيأتي شخصا آخر، ويقول له: أبيعك سيارتي بثلاثة آلاف نقدا وأشتريها منك بخمسة مقسطة.

... قال ابن القيم رحمه الله في تعليقه على معالم السنن بعد ذكر الأقوال في تفسير حديث (نهى عن شرطين في بيع): ((فإذا تبين هذه الأقوال فالأولى تفسير كلام النبي صلى الله عليه وسلم بعضه ببعض. فنفسر كلامه بكلامه. فنقول: نظير هذا نهيه صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة , وعن بيعتين في بيعة. فروى سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة ". وفي السنن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم " من باع بيعتين في بيعه فله أوكسهما , أو الربا ". وقد فسرت البيعتان في البيعة بأن يقول " أبيعك بعشرة نقدا , أو بعشرين ونسيئة " هذا بعيد من معنى الحديث من وجهين. أحدهما: أنه لا يدخل الربا في هذا العقد. الثاني: أن هذا ليس بصفقتين , إنما هو صفقة واحدة بأحد الثمنين. وقد ردده بين الأوليين أو الربا. ومعلوم أنه إذا أخذ بالثمن الأزيد في هذا العقد لم يكن ربا. فليس هذا معنى الحديث. وفسر بأن يقول " خذ هذه السلعة بعشرة نقدا وآخذها منك بعشرين نسيئة وهي مسألة العينة بعينها. وهذا هو المعنى المطابق للحديث. فإنه إذا كان مقصوده الدراهم العاجلة بالآجلة فهو لا يستحق إلا رأس ماله , وهو أوكس الثمنين فإن أخذه أخذ أوكسهما , وإن أخذ الثمن الأكثر فقد أخذ الربا. فلا محيد له عن أوكس الثمنين أو الربا. ولا يحتمل الحديث غير هذا المعنى وهذا هو بعينه الشرطان في بيع. فإن الشرط يطلق على العقد نفسه. لأنهما تشارطا على الوفاء به فهو مشروط , والشرط يطلق على المشروط كثيرا , كالضرب يطلق على المضروب , والحلق على المحلوق والنسخ على المنسوخ. فالشرطان كالصفقتين سواء. فشرطان في بيع كصفقتين في صفقة: وإذا أردت أن يتضح لك هذا المعنى فتأمل نهيه صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر عن بيعتين في بيعة , وعن سلف وبيع. رواه أحمد. ونهيه في هذا الحديث عن شرطين في بيع وعن سلف في بيع فجمع السلف والبيع مع الشرطين في البيع , ومع البيعتين في البيعة. وسر ذلك: أن كلا الأمرين يئول إلى الربا , وهو ذريعة إليه. أما البيعتان في بيعة: فظاهر , فإنه إذا باعه السلعة إلى شهر ثم اشتراها منه بما شرطه له , كان قد باع بما شرطه له بعشرة نسيئة. ولهذا المعنى حرم الله ورسوله العينة. وأما السلف والبيع: فلأنه إذا أقرضه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير