مائة إلى سنة , ثم باعه ما يساوي خمسين بمائة: فقد جعل ذا البيع ذريعة إلى الزيادة في القرض الذي موجبه رد المثل , ولولا هذا البيع لما أقرضه ولولا عقد القرض لما اشترى ذلك. فظهر سر قوله صلى الله عليه وسلم " لا يحل سلف وبيع , ولا شرطان في بيع " وقول ابن عمر " نهى عن بيعتين في بيعة وعن سلف وبيع " واقتران إحدى الجملتين بالأخرى لما كانا سلما إلى الربا. ومن نظر في الواقع وأحاط به علما فهم مراد الرسول صلى الله عليه وسلم من كلامه , ونزله عليه. وعلم أنه كلام من جمعت له الحكمة , وأوتي جوامع الكلم , فصلوات الله وسلامه عليه , وجزاه أفضل ما جزى نبيا عن أمته)) انتهى.
&&& واليوم يحدث هذا البيع ـ أعني شرطين في بيع أو بيعتين في بيعة ـ بطريق الحيلة، فيذهب اثنان إلى البنك الإسلامي، يقول أحدهما أريد أن أبيع سيارتي على فلان تظاهرا فقط، ثم ترد السيارة على صاحبها بعد انتهاء المعاملة، الهدف أن يأخذ من البنك الإسلام المال نقدا، والبنك يقسط عليه السعر الجديد، وهذه تسمى العينة الثلاثية، لأنهما ادخلا طرفا ثالثا هو البنك الإسلامي، وهذا البيع هو المقصود بالنهي عن شرطين في بيع، أي بيع العينة، أو بيعتين في بيعة كلها بمعنى واحد.
... والخلاصة: أن حديث المؤمنون على شروطهم، عام يدل على إباحة الشروط ما لم يرد نص على تحريم شرط بعينه، وأن كل شرط غير محرم فهو ملزم والله اعلم، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((وأصول أحمد ونصوصه تقتضي جواز شرط كل تصرف فيه مقصود صحيح، وإن كان فيه منع من غيره)) مجموع الفتاوى 29/ 169
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
@@@خامسا: الخيار:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من حكمة الشريعة أنها جعلت للمتعاقدين الخيار بعد العقد، حتى يكون لهما فرصة لمراجعة هذا العقد، فقد يطرأ سبب لتغير رأي أحد المتبايعين، أو يجد أحدهم في الصفقة، غير ما اتفقا عليه في العقد، فلهذا أوجدت الشريعة الحكيمة فرصة للنظر، وذلك من خلال باب الخيار، وقد عد العلماء أنواعه فبلغت سبعة أنواع:
... 1 - خيار المجلس:
ـــــــــــــ
ومعنى خيار المجلس، أنه إذا بيعت سلعة، فإن للبائع والمشتري حق فسخ العقد ماداما في المجلس، حتى يفترقا، فكأن العقد مفتوح، حتى يخرج أحدهما من المجلس ويتفرقا بالأجساد عن بعضهما، مثال ذلك: اشتريت سيارة، وأنت والبائع في مجلس واحد، فإنه يجوز لك التراجع مادمتما في المجلس لم تتفرقا بأبدانكما.
... فإن أراد المتبايعان أن يمضيا العقد على الفور، فهناك طريقتان لإنهاء خيار المجلس:
الأولى: أن يفترقا بالأجساد عن بعضهما فيخرج أحدهما من المجلس.
والثانية: إسقاط شرط الخيار في العقد، فيقول أحدهما تبايعنا ولا خيار، فإن رضي الآخر سقط الخيار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار، مالم يتفرقا وكانا جميعا، أو يخير أحدهما الآخر، فإن خير أحدهما الآخر، فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع) متفق عليه، وهذا يعني أنهما إن اتفقا على إسقاط خيار المجلس سقط.
وهل يجوز للبائع تعمد مفارقة المجلس لإسقاط الخيار دون اتفاق مع الآخر؟ الجواب: لا يحل له ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم:" ... ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله " روه الخمسة إلا ابن ماجة من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
وترك المجلس ينضبط بالعرف، فإن كانا في طائرة أو سفينة فينتهي الخيار بترك المكان الذي عقدا فيه العقد، وإن كانا على شبكة الإنترنت فينتهي الخيار بترك المجلس على الشبكة، فيخرج أحدهما من الغرفة في برنامج البال توك مثلا أو غيره، وعلى أية حال فهذه المسألة بحاجة إلى بحث وهو من النوازل، فالشبكة ـ الإنترنت ـ تجمع الناس رغم التباعد في مجلس واحد، فهل يعد هذا مجلسا أم لا، تحتاج هذه المسألة إلى بحث.
... 2 – خيار الشرط:
ــــــــــــ
¥