تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أجاز ذلك، ومن المتأخرين فقد اطلعت على رأي لشيخ الأزهر سابقاً محمود شلتوت في فتاويه ص289،290ما نصه: (إذا ثبت من طريق موثوق به، أن بقاء الجنين بعد تحقق حياته يؤدي لا محالة إلى موت الأم،فإن الشريعة بقواعدها العامة تأمرنا بارتكاب أخف الضررين، فإن في بقائه موت الأم، وكان لا منقذ لها سوى إسقاطه كان إسقاطه في تلك الحالة متعيناً، ولا يضحى بها في سبيل إنقاذه لأنها أصله وقد استقرت حياتها ولها حظ مستقل في الحياة ..... )

المسألة السادسة: مسألة من وقع في حد من حدود الله، مثل الزاني المحصن ولم يعلم به أحد من المسلمين إلا أنه جاد بنفسه بعد توبته وطلب إقامة الحد عليه وقتله كماعز والغامدية رضى الله عنهما.

وهنا يجعل شيخ الإسلام الذي يجود بنفسه ليقتل في حد من حدود الله تعالى كمثل الذي ينغمس في العدو ثم يقتل فيقول رحمه الله في الفتاوى ج16 ص 31 ما نصه: فالإمام و الناس ليس عليهم إقامة الحد على مثل هذا، ولكن هو إذا طلب ذلك أقيم عليه كالذي يذنب سراً و ليس على أحد أن يقيم عليه حدا، لكن إذا اختار هو أن يعترف و يقام عليه الحد أقيم، وإن لم يكن تائباً، وهذا كقتل الذي ينغمس في العدو هو مما يرفع الله به درجته كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له و هل وَجَدْتَ أفضل من أن جادت بنفسها لله. أ. هـ الفتاوى ج:16 ص:31

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى أيضاً ج: 25 ص:279 ولا يجب إقامة الحد عليه كما هو ظاهر مذهب أحمد رحمه الله، وقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: عن ماعز رضى الله عنه لما هرب [هلا تركتموه يتوب بينه وبين الله] كما عند أحمد وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي وغيرهم وكذا الغامدية رضى الله عنها التي اعترفت على نفسها ردها مراراً والقصة عند مسلم وأبي داود والنسائي والبيهقي والدارقطني أ. هـ

المسألة السابعة: مسألة المرأة المطلقة ثلاثاً التي لا تحل لزوجها، لو جاء إليها يريد مواقعتها إكراهاً ولم تملك مدافعته فهل لها قتله أو قتل نفسها حفاظاً على عرضها أو ليس لها ذلك. ففي المدونة للإمام مالك: (ولا تتزين له إلا كرها) (ولتفتد منه وفي جواز قتلها له عند محاورتها قولان) ولتفتد منه بما قدرت ولو بشعر رأسها وتقتله إن خفي لها كغاصب المال يريد مثل العادي والمحارب. وقال سحنون: لا يحل لها قتله ولا قتل نفسها وأكثر ما عليها الامتناع وأن لا يأتيها إلا مكرهة.

وقوله (ولا قتل نفسها) يرد على من قال أن لها قتل نفسها، ولا شك أن قول سحنون متوجه نوعاً ما في قتل نفسها، وليس بمتوجه في قتلها له لأن الإسلام جاء بحماية العرض كما جاء بحماية المال ورغب في القتال دفاعاً عن المال لذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ج28ص540 ما نصه: (وإذا كانت السنة والإجماع متفقين على أن الصائل المسلم إذا لم يندفع صوله إلا بالقتل قتل وإن كان المال الذي يأخذه قيراطا من دينار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون حرمه فهو شهيد) أ. هـ فما بالك بالدفاع عن العرض. لا شك أنه أوجب وأولى.

المسألة الثامنة: الغريق إذا جاء من ينقذه من الغرق، وأثناء الإنقاذ خشي المُنْقِذُ على نفسه الغرق، فهل له أن يطلق الغريق في الماء وينجو بنفسه؟ على قولين ثانيهما عدم الجواز، وإن غرقا جميعاً، ففي (التاج المهذب) للصنعاني ما نصه: ليعلم أن جناية (المباشر مضمون) على فاعله (وإن لم يتعد فيه) يعني في فعله (فيضمن) المباشر (غريقاً أمسكه) يريد إنقاذه فثقل عليه وخشي إن تم الإمساك أن يتلفا معا (فأرسله) من يده (لخشية تلفهما) معا، وإن كان في الأصل محسنا بإرادة إنقاذه، ولما خشي على نفسه أرسله في الماء حتى مات، فإنه مباشر في هذه الجناية، ولا يجوز له أن يستفدي نفسه بقتل غيره، ولهذا وجب الضمان للغريق، وذلك بالقود للمرْسِِلِ له وسواء أرسله بعد أن خرج رأسه من الماء أم قبل ذلك وإن عفا عنه سلم الدية من ماله أو هو مباشر فإن كان الغريق هو الممسك واستفدى نفسه بالإرسال فلا ضمان فإن هلك الممسك بفتح بإمساك الغريق ضمنه من ماله فإن هلك الممسك ونجا الغريق قتل به.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير