تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذ إن الشرع قد يفرق بين حكم متماثلين ظاهراً بسبب القصد والنية كما أسلفت آنفاً، ولا أدل على ذلك من مسألة تمني الموت، حيث اختلف حكمها باختلاف نية المتمني ومثلها مسألة زواج المحلِل محرم إن قصد به التحليل وإلا فمشروع ومندوب إن قصد به اعفاف نفسه والاستمتاع المشروع فيكون بذلك نكاحاً شرعياً، والسبب أن قصده في الأول التحليل وفي الثاني الإعفاف، فأثرت النية في العقد الأول فأبطلته وفي الثاني فأباحته بل رغبت فيه، ومثل ترك التداوي يختلف حكمه باختلاف نية التارك للدواء فإن كان الترك توكلاً على الله فهو مرغب فيه محمود وإن كان إهمالاً فهو محرم مذموم وغير ذلك كثير من مسائل الشرع التي تؤثر فيها النية فتقلبها من حال إلى حال إذ العمدة في ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم كما جاء عن عمر في الصحيحين [إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى].

فالنية هي مناط تغير الحكم والتفريق بين المتماثلين ظاهرٌ في كثير من الأحكام الشرعية، ومن هذا الكثير قتيل المعركة حيث بين الشارع أن من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله و من قاتل ليقال عنه جريء أو شجاع فهو في سبيل الشيطان وهذا ظاهر في أحاديث رسول الله e .

من هنا يتضح لنا أن الحكم الشرعي للشهيد لا يتغير بتغير اليد القاتلة ولا يعتد باليد القاتلة للمجاهد، ولا بأداة القتل ولا بطريقة القتل، إذا كان ذلك لوجه الله و بنية خالصة لإعلاء كلمة الله فمن قتله العدو مع سوء نيته فهذا في النار، وآخر قتله العدو مع إخلاصه فهو في الجنة، وآخر قتل نفسه جزعاً فهو في النار، والرابع قتل نفسه خطأً فهو في الجنة، وآخر تمنى الموت أو دعاء به على نفسه لضر أصابه أو ضجرٍ من الدنيا فتمنيه محرم ويقابله من تمنى الموت ودعا على نفسه بذلك رجاء ما عند الله ففعله مندوب ومأمور به.

والذي أعان على قتل نفسه أو قتلها لإعلاء كلمة الله وحفاظاً على أعراض المسلمين وحمايةً لها فهو على نيته وليس بمنتحر وفيما قدمت من أدلة وقفة تأمل يجب أن تكون لمن حرم قتل النفس خوف إفشاء الأسرار.

لذا قال شيخ الإسلام في الفتاوى ج25/ ص 281 ما نصه:

فينبغي للمؤمن أن يفرق بين ما نهى الله عنه من قصد الإنسان قتل نفسه أو تسببه في ذلك وبين ما شرعه الله من بيع المؤمنين أنفسهم وأموالهم له كما قال تعالى إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة وقال ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله أي يبيع نفسه، والاعتبار في ذلك بما جاء به الكتاب والسنة لا بما يستحسنه المرء أو يجده أو يراه من الأمور المخالفة للكتاب والسنة ..... ألخ

ويا ليت شعري من حرم ذلك، ونهى عنه، لو اطلع على ما قاله الفقهاء كما في المغني لابن قدامةج2 ص551 ومنهم الإمام الخرقي الحنبلي في المرأة إذا ماتت وفي بطنها ولد يتحرك إن لم يوجد قوابل يخرجنه يترك ولا يمكن الرجال من إخراجه بل يترك حتى يموت ويدفن مع أمه كل ذلك رعاية لحرمة أم ميتة من أن يمس الأجنبي المسلم فرجها لإخراج جنينها الحي ـ أي يضحى بحياة الجنين النفس المنفوسة في سبيل حرمة أمه الميتة ـ أليس يا ذوي الحجا، والنهى، من الأولى أن يباح للمسلم أن يضحي بنفسه في سبيل الله تعالى حفاظاً على وحياة ألوف مؤلفة من المؤمنات أن يطأ أعراضهن علوج أنجاس من اليهود والنصارى والشيوعيين وغيرهم من المرتدين من عملاء النصيرية في سوريا أو البعثية في العراق أو العلمانية في تونس وليبيا والمغرب و .......... إلى مالا نهاية له نسأل الله العافية مما نحن فيه.

أخيراً: وهي زبدة هذا البحث ومحصلته وفائدته المختصرة:

1 - جميع النصوص المحرمة قتل المسلم نفسه أو إلقاءها في مواطن الهلكة، عامة مخصوص منها مسألتنا، ومن قال غير ذلك فعليه الدليل لكي نرجع إليه رغم أنوفنا {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} {إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا} {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير