11 - طلب القسم والحكم بالأزلام. جمع: زلم (بفتح الزاي وضمها)، وهي: القدح (بكسر القاف): السهم الذي لا ريش له ولا نصل. وكانت عند سادة الكعبة عليها أعلام، وكانوا يحكِّمونها، فإن أمرَتْهم ائتمروا، وإن نهتهم انتهوا.
والأحاديث في الموضوع كثيرة، ويكفي أن أذكر أن: الإسلام حرم دخول الجنة على الجسد المغذى بالحرام؛ فقد روى أبو يعلى وغيره عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل الجنة جسد غذي بحرام".
وقد شاع وذاع أكل الحرام وشرب الحرام، وأصبحت قوانين الدول الإسلامية تبيح عدها من المحرمات، وتحرم أنواعا من الطيبات. بل أصبح العالم الإسلامي يحارب في كثير من أوطانه، واللغة العربية أصبحت لغة ثانوية في عقر ديارها، اقتداء بالدول كافرة. ويقال عنا: إننا عصريون تقدميون، وترتفع أصوات العلماء في مشارق الأرض ومغاربها بين الفينة والفينة منددة بذلك، فلا تجدي شيئا.
لقد أسمعت لو ناديت حيا===ولكن لا حياة لمن تنادي
وخامسا: {ويضع عنهم إصرهم}: والإصر هو الثقل الذي يأصر صاحبه – أي: يحبسه – عن الحركات لشدة ثقله.
وبديهي أن شريعة سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام كانت من الصعوبة بمكان، اقتضتها الظروف الاجتماعية التي كان يحياها المجتمع اليهودي إذذاك. وسيأتي قريبا نماذج من ذلك.
وسادسها: {والأغلال التي كانت عليهم}: والأغلا هنا – كما قال العلماء – إما أن يراد بها التعاليم القاسية التي أنزلها سبحانه على سيدنا موسى – كقطع أثر البول، وقتل النفس في التوبة، وقطع الأعضاء التي صدرت منها المعاصي – وإما أن يراد بها: أمره سبحانه وتعالى بلبس المسوح، وربط أيديهم إلى أعناقهم أثناء الصلاة تواضعا لله ومراقبة لعلي جنابه.
{فالذين آمنوا به – أي: بمحمد صلى الله عليه وسلم – وعزروه – أي: وقروه ووقروا شريعته، والتزموا في المنشط والمكره – ونصروه – أي: نصروه على عدوه في حياته، ونصروا شريعته على أعدائها في حياته وبعد مماته، بمختلف أنواع النصر، سواء بالسيف أو بالقلم – واتبعوا النور الذي أنزل معه – وهو: القرآن الكريم، والذكر الحكيم، الجامع لملخص الكتب السماوية كلها، والمغني عن غيره من القوانين أجمعها – أولئك هم المفلحون}. أي: الفائزون بالفلاح في الدين والدنيا لا غيرهم من المتبعين للكتب السابقة المحرفة والمنسوخة في القرآن، وغيرهم من أتباع المذاهب المادية على اختلاف أسمائها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[15 - 09 - 06, 11:16 م]ـ
هذه المقالة الثانية في كمالات سيد الوجود صلى الله عليه وآله وسلم، للعلامة السيد عبد الرحمن بن محمد الباقر الكتاني رحمه الله تعالى، وهي مما يجاب به أولئك الكفرة الفجرة الذين يطعنون في النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لعنهم الله في الدنيا والآخرة:
وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين
هذه هي الآية السابعة بعد المائة من سورة الأنبياء المكية، ونرى الله سبحانه وتعالى يخاطب فيها رسوله سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم قائلا: وما أرسلناك يا محمد بالشرائع والأحكام والآداب لعلة من العلل، إلا لنرحم العالمين بإرسالك. والمراد بالعالمين: الإنس والجن الذين أرسل إليهم إرسال تكليف، والملائكة الذين أرسل إليهم إرسال تشريف؛ لأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
والرحمة بالنسبة للإنس والجن هي: الشرائع والقوانين والحكم والأمثال والآداب التي تسعد البشرية جمعاء، وتنقذها من جميع مظاهر التخلف، وتكسبها الخلود في جنة عرضها السماوات والأرض، وكذا جميع المزايا التي أدركتها الأمة المحمدية بسببه صلى الله عليه وسلم، لكونها خير أمة أخرجت للناس، وأمة وسطا، وأول من يدخل إلى الجنة.
والرحمة بالنسبة للكفار: أمنهم في الدنيا ببعثة من الخسف والمسخ، والقذف والاستئصال، بمقتدى قوله تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم}. [**/ **].
وعليه؛ فقد بعث صلى الله عليه وسلم لكل فرد من العالمين – ملائكتهم وإنسهم وجنهم – ولا فرق بين المؤمن والكافر. والرحمة متفاوتة كما قال الإمام محمود الألوسي – رحمه الله – في تفسيره المسمى بـ: "روح المعاني"، وأعلن عن اختياره له.
¥