تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

النجش فقال: (ولاَ تَنَاجَشُوا) والنجش أن يمدح السلعة ليروجها أو يزيد في ثمنها ولا يريد شراءها لييفيد التاجر على حساب المشتري، فهذا ضرب من الخديعة، والناجش آثم.

واسم الله المسعر يدل علي ذات الله وعلي وصفة التسعير والقبض والبسط بدلالة المطابقة وعلي ذات الله وحدها بالتضمن وعلى وصفة التسعير والقبض والبسط وحدها بدلالة التضمن ويدل باللزوم علي الحياة والقيومية والعلم والقدرة والسمع والبصر والغني والعزة والعظمة والقوة وغير ذلك من أوصاف الكمال، واسم الله المسعر دل علي صفة من صفات الأفعال.

كيف ندعو الله باسمه المسعر دعاء مسألة ودعاء عبادة؟ دعاء المسألة كما ورد عند أحمد من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: سَعِّرْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (إِنَّمَا يَرْفَعُ اللَّهُ وَيَخْفِضُ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَلَيْسَ لأَحَدٍ عِنْدِي مَظْلَمَةٌ قَالَ آخَرُ سَعِّرْ، فَقَالَ: ادْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ)، وعند مسلم من حديث أَبي مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ أن الرَّجُل كان إِذَا أَسْلَمَ عَلَّمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّلاَةَ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي وارحمني وَاهْدِنِي وَعَافِنِي وَارْزُقْنِي.

أما دعاء العبادة فهو أثر الاسم على العبد لا سيما إن كان من التجار، فلا يستغل الناس في زيادة الأسعار، ولا يدخر أقواتهم طلبا للاحتكار، بل يكون حريصا على نفعهم، صبورا على دينهم، ومراعيا لفقرهم، سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى، فقد ورد عند البخاري من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى)، وعند الترمذي وابن ماجة وصححه الألباني من حديث أَبِى سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه أَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ)، وورد عند أحمد وصححه الألباني من حديث أبي ذَرٍّ رضي الله عنه أنه قال للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (قُلْتُ وَمَنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يَشْنَؤُهُمُ اللَّهُ؟ قَالَ: التَّاجِرُ الْحَلاَّفُ أَوْ قَالَ الْبَائِعُ الْحَلاَّفُ وَالْبَخِيلُ الْمَنَّانُ، وَالْفَقِيرُ الْمُخْتَالُ).

وعند ابن ماجة قال الشيخ الألباني: حسن صحيح من حديث أَبِى سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَرْزُقُنَا تَمْرًا مِنْ تَمْرِ الْجَمْعِ – تمر الجمع هو التمر المجمع من أنواع متفرقة، أو المختلط من أنواع متفرقة وهو رديء بعض الشيء - فَنَسْتَبْدِلُ بِهِ تَمْرًا هُوَ أَطْيَبُ مِنْهُ وَنَزِيدُ فِي السِّعْرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَصْلُحُ صَاعُ تَمْرٍ بِصَاعَيْنِ وَلاَ دِرْهَمٌ بِدِرْهَمَيْنِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ وَالدِّينَارُ بِالدِّينَارِ لاَ فَضْلَ بَيْنَهُمَا إِلاَّ وَزْنًا، ويقصد أن يبيعوا هذا التمر الرديء ويشتروا بثمنه من هذا الطيب الجيد على قدر سعره.

وفي الموطأ من حديث سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَرَّ بِحَاطِبِ بْنِ أَبِى بَلْتَعَةَ وَهُوَ يَبِيعُ زَبِيبًا لَهُ بِالسُّوقِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِمَّا أَنْ تَزِيدَ فِي السِّعْرِ وَإِمَّا أَنْ ترفع مِنْ سُوقِنَا، ومر عمر على حاطب وهو يبيع زبيباً له بالسوق بأرخص مما يبيع الناس، فقال له عمر بن الخطاب: إما أن تزيد في السعر، بأن تبيع بمثل ما يبيع أهل السوق وإما أن ترفع من سوقنا لئلا تضر بأهل السوق، فليس للواحد والاثنين البيع بأرخص مما يبيع أهل السوق دفعاً للضرر قال ابن رشد: وهو غلط ظاهر إذ لا يلام أحد على المسامحة في البيع والحطيطة فيه، بل يشكر على ذلك إن فعله لوجه الناس ويؤجر إن فعله لوجه الله تعالى، ولذلك تراجع عمر كما وردت القصة كاملة عند البيهقي من حديث الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُمَرَ رَضِي اللَّهِ عَنْهُ أَنَّهُ مَرَّ بِحَاطِبٍ بِسُوقِ الْمُصَلَّى وَبَيْنَ يَدَيْهِ غَرَارَتَانِ فِيهِمَا زَبِيبٌ فَسَأَلَهُ عَنْ سِعْرِهِمَا فَسَعَّرَ لَهُ مُدَّيْنِ لِكُلِّ دِرْهَمٍ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهِ عَنْهُ قَدْ حُدِّثْتُ ببِعِيرٍ مُقْبِلَةٍ مِنَ الطَّائِفِ تَحْمِلُ زَبِيبًا وَهُمْ يَعْتَبِرُونَ بِسِعْرِكَ، فَإِمَّا أَنْ تَرْفَعَ فِي السِّعْرِ، وَإِمَّا أَنْ تُدْخِلَ زَبِيبَكَ الْبَيْتَ فَتَبِيعَهُ كَيْفَ شِئْتَ، فَلَمَّا رَجَعَ عُمَرُ حَاسَبَ نَفْسَهُ ثُمَّ أَتَى حَاطِبًا فِي دَارِهِ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ الَّذِي قُلْتُ لَيْسَ بِعَزْمَةٍ مِنِّى وَلاَ قَضَاءٍ إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ أَرَدْتُ بِهِ الْخَيْرَ لأَهْلِ الْبَلَدِ فَحَيْثُ شِئْتَ فَبِعْ وَكَيْفَ شِئْتَ فَبِعْ، وعند البخاري من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لاَ يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلاَ تَلَقَّوُا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إِلَى السُّوقِ) والقصد أن الرجل يأخذ بأسباب الرزق في تجارته وكسبه فيراقب الله في التعامل مع خلقه، توحيدا لربه في اسمه المسعر القابض الباسط الرازق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير