الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم و طلب الشفاعة منه بعد وفاته من أبطل الباطل
2928 - (من استطاع منكم أن لا يموت إلا بالمدينة فليمت بها , فإنه من يمت بها يشفع له , أو يشهد له).
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " (1032 - موارد) و الطبراني في " المعجم الكبير " (24/ 331 / 824) و البيهقي في " الشعب " (2/ 1 / 83/ 1) من طريق يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن الصميتة - امرأة من بني ليث - سمعها تحدث صفية بنت أبي عبيد أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.
(تنبيه): أورد البيهقي هنا في " الشعب " (2/ 1 / 82/ 2) بإسناده عن أبي يزيد الرقاشي عن محمد بن روح بن يزيد البصري: حدثني أيوب الهلالي قال: " حج أعرابي , فلما جاء إلى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ راحلته فعقلها , ثم دخل المسجد حتى أتى القبر و وقف بحذاء وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بأبي أنت و أمي يا رسول الله! جئتك مثقلا بالذنوب و الخطايا , أستشفع بك على ربك لأنه قال في محكم كتابه: * (و لو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله و استغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) * .. ثم أقبل في عرض الناس و هو يقول:
يا خير من دفنت في الترب أعظمه فطاب من طيبهن القاع و الأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف و فيه الجود و الكرم.
قلت: و هذا إسناد ضعيف مظلم , لم أعرف أيوب الهلالي و لا من دونه. و أبو يزيد الرقاشي , أورده الذهبي في " المقتنى في سرد الكنى " (2/ 155) و لم يسمه , و أشار إلى أنه لا يعرف بقوله: " حكى شيئا ". و أرى أنه يشير إلى هذه الحكاية.
و هي منكرة ظاهرة النكارة , و حسبك أنها تعود إلى أعرابي مجهول الهوية! و قد ذكرها - مع الأسف - الحافظ ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية: * (و لو أنهم إذ ظلموا أنفسهم .. ) * و تلقفها منه كثير من أهل الأهواء و المبتدعة , مثل الشيخ الصابوني , فذكرها برمتها في " مختصره "! (1/ 410) و فيها زيادة في آخرها:" ثم انصرف الأعرابي, فغلبتني عيني, فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم , فقال: يا عتبي! الحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له ".
و هي في " ابن كثير " غير معزوة لأحد من المعروفين من أهل الحديث , بل علقها على " العتبي " , و هو غير معروف إلا في هذه الحكاية , و يمكن أن يكون هو أيوب الهلالي في إسناد البيهقي.
و هي حكاية مستنكرة , بل باطلة , لمخالفتها الكتاب و السنة , و لذلك يلهج بها المبتدعة , لأنها تجيز الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم , و طلب الشفاعة منه بعد وفاته, و هذا من أبطل الباطل , كما هو معلوم, و قد تولى بيان ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه و بخاصة في " التوسل و الوسيلة ", و قد تعرض لحكاية العتبي هذه بالإنكار, فليراجعه من شاء المزيد من المعرفة و العلم.
الفرق بين الشرك و بين غيره من الذنوب
2999 - (تعالوا بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا , و لا تسرقوا , و لا تزنوا , و لا تقتلوا أولادكم , و لا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم و أرجلكم , و لا تعصوني في معروف , فمن وفى منكم فأجره على الله , و من أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له , و من أصاب من ذلك شيئا فستره الله فأمره إلى الله , إن شاء عاقبه , و إن شاء عفا عنه).
و في الحديث رد كما قال العلماء على الخوارج الذين يكفرون بالذنوب , و على المعتزلة الذين يوجبون تعذيب الفاسق إذا مات بلا توبة , لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه تحت المشيئة , و لم يقل لابد أن يعذبه.
قلت: و مثله قوله تعالى: * (إن الله لا يغفر أن يشرك به , و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء) *. فقد فرق تعالى بين الشرك و بين غيره من الذنوب , فأخبر أن الشرك لا يغفره , و أن غيره تحت مشيئته , فإن شاء عذبه و إن شاء غفر له , و لابد من حمل الآية و الحديث على من لم يتب , و إلا فالتائب من الشرك مغفور له , فغيره أولى , و الآية قد فرقت بينهما , و بهذا احتججت على نابتة نبتت في العصر الحاضر , يرون تكفير المسلمين بالكبائر تارة , و تارة يجزمون بأنها ليست تحت مشيئة الله تعالى و أنها لا تغفر إلا بالتوبة , فسووا بينها و بين الشرك فخالفوا الكتاب و السنة , و لما أقمت عليهم الحجة
¥