تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"شرح السنة" (3/ 30) من طريق أخرى عن وكيع. و هكذا رواه أحمد (4/ 316 - 319) من طريق أخرى عن وائل بن حجر دون القيام. و لا يشك الباحث في طرق هذا الحديث أنه مختصرا أيضا -كرواية وكيع - من حديث وائل المبين لصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم و القيام الذي قبض فيه يديه , و هو الذي قبل الركوع , جاء ذلك من طريقين:

الأولى: عن عبد الجبار بن وائل عن علقمة بن وائل و مولى لهم أنهما حدثاه عن أبيه وائل بن حجر: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل الصلاة , كبر -وصف همام - حيال أذنيه. ثم التحف بثوبه. ثم وضع يده اليمنى على اليسرى. فلما أراد أن يركع أخرج يده من الثوب ثم رفعها ثم كبر فركع. فلما قال: سمع الله لمن حمده رفع يده. فلما سجد سجد بين كفيه. أخرجه مسلم (2/ 13) و أبو عوانة (2/ 106107) و أحمد (4/ 317 - 318) و البيهقي (2/ 28و71).

الثانية: عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: "قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي؟ قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبل القبلة فكبر فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه. ثم أخذ شماله بيمينه. فلما أراد أن يركع رفعها مثل ذلك. ثم وضع يديه على ركبتيه. فلما رفع رأسه من الركوع رفعهما مثل ذلك. فلما سجد وضع رأسه بذلك المنزل من بين يديه , ثم جلس فافترش رجله اليسرى .. و أشار بالسبابة .. " الحديث. أخرجه أبو داود و النسائي و أحمد و غيرهم بسند صحيح , و هو مخرج في "صحيح أبي داود" (716 - 717) برواية آخرين من الأئمة عن جمع من الثقات عن عاصم , يزيد بعضهم على بعض , و أتمهم سياقا زائدة بن قدامة و بشر بن المفضل , و هو ثقة ثبت , و السياق له , و لابن ماجة منه قوله: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فأخذ شماله بيمينه".

قلت: فإذا نظر الناظر إلى هذه الجملة لوحدها , و لم يعلم , أو على الأقل لم يستحضر أنها مختصرة من الحديث , فهم منها مشروعية الوضع لليدين في كل قيام سواء كان قبل الركوع أو بعده , و هذا خطأ يدل عليه سياق الحديث , فإنه صريح في أن الوضع إنما هو في القيام الأول , و هو في سياق عاصم بن أصرح , فإنه ذكر رفع اليدين في تكبيرة الإحرام , ثم الركوع و الرفع منه , يقول فيهما: مثل ذلك , فلو كان في حفظ وائل وضع اليدين بعد الرفع لذكره أيضا كما هو ظاهر من ذكره الرفع ثلاثا قبله , و لكن لما فصلت تلك الجملة عن محلها من الحديث أوهمت الوضع بعد الرفع , فقال به بعض أفاضل العلماء المعاصرين , دون أن يكون لهم سلف من السلف الصالح فيما علمت. و مما يؤكد ما ذكرنا رواية ابن إدريس عن عاصم به مختصرا بلفظ: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كبر أخذ شماله بيمينه". و مثل هذا الوهم بسبب الاختصار من بعض الرواة أو عدم ضبطهم للحديث يقع كثير , و لقد كنت أقول في كثير من محاضراتي و دروسي حول هذا الوضع و سببه: يوشك أن يأتي رجل ببدعة جديدة اعتمادا منه على حديث مطلق لم يدر أنه مقيد أيضا , ألا و هي الإشارة بالإصبع في غير التشهد! فقد جاء في "صحيح مسلم" حديثان في الإشارة بها في التشهد أحدهما من حديث ابن عمر , و الآخر من حديث ابن الزبير , و لكل منهما لفظان مطلق و مقيد , أو مجمل و مفصل: "كان إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه و رفع إصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فدعا بها .. " , فأطلق الجلوس. و الآخر: "كان إذا قعد في التشهد وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى , و وضع يده اليمنى على ركبته اليمنى .. " الحديث. فقيد الجلوس بالتشهد. و نحوه لفظا حديث ابن الزبير. فاللفظ الأول "جلس" يشمل كل جلوس , كالجلوس بين السجدتين , و الجلوس بين السجدة الثانية و الركعة الثانية المعروفة عند العلماء بجلسة الاستراحة. فكنت أقول: يوشك أن نرى بعضهم في هاتين الجلستين! فلم يمض على ذلك إلا زمن يسير حتى قيل لي بأن بعض الطلاب يشيرون بها بين السجدتين! ثم رأيت ذلك بعيني من أحد المتخرجين من الجامعة الإسلامية حين زارني في داري في أول سنة (1404)! و نحن في انتظار حدوث البدعة الثالثة , ألا و هي الإشارة بها في جلسة الاستراحة! ثم حدث ما انتظرته , و الله المستعان! و قد وقع مثل هذا الاختصار الموهم لشرعية الإشارة في كل جلوس في حديث وائل أيضا من رواية عاصم بن كليب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير